والمعارضات التي عارض بها النصوص، وفي بني آدم من يصوب رأي إبليس وقياسه، ويقول الصواب معه، ولهم في ذلك تصانيف وكان بشار بن برد الأعمى الشاعر على هذا المذهب، يقول في قصيدته الرائية:
الأرض مظلمة سوداء مقتمة والنار معبودة مذ كانت النار
ولما علم الشيخ أنه قد أصيب من معارضة الوحي بالعقل، وعلم أنه لا شيء أبلغ في مناقضة الوحي والشرع، وإبطاله من معارضته بالعقول، أوحى إلى تلامذته وإخوانه من الشبهات الخيالية ما يعارض به الوحي، وأوهم أصحابه وتلاميذه أنها قواطع عقلية، وقال: إن قدمتم الوحي عليها فسدت عقولكم،
قال تعالى:(وإن الشياطين ليوحون إلى أوليائهم ليجادلوكم وإن أطعتموهم إنكم لمشركون) .
ومن المعلوم أن وحيهم إنما هو شبه عقلية، وقال تعالى:(وكذلك جعلنا لكل نبي عدواً شياطين الإنس والجن يوحي بعضهم إلى بعض زخرف القول غرورا ولو شاء ربك ما فعلوه فذرهم وما يفترون. ولتصغى إليه أفئدة الذي لا يؤمنون بالآخرة وليرضوه وليقترفوا ما هم مقترفون. أفغير الله أبتغي حكماً وهو الذي أنزل إليكم الكتاب مفصلاً والذين آتيناهم الكتاب يعلمون أنه منزل من ربك بالحق فلا تكونن من الممترين. وتمت كلمت ربك صدقاً وعدلاً لا مبدل لكلماته وهو السميع العليم. وإن تطع أكثر من في الأرض يضلوك عن سبيل الله إن يتبعون إلا الظن وإن هم إلا يخرضون. إن ربك هو أعلم من يضل عن سبيله وهو أعلم بالمهتدين) .