الوجه الثامن: أن يقال: العقل إما أن يكون عالماً بصدق الرسول، وثبوت ما أخبر به في نفس الأمر، وإما أن لا يكون عالماً بذلك.
فإن لم يكن عالماً امتنع التعارض عنده إذا كان المعقول معلوماً له، لأن المعلوم لا يعارضه المجهول، وإن لم يكن المعقول معلوماً له لم يتعارض مجهولان.
وإن كان عالماً بصدق الرسول امتنع –مع هذا- أن لا يعلم ثبوت ما أخبر به في نفس الأمر. غايته أن يقول: هذا لم يخبر به، والكلام ليس هو فيما لم يخبر به، بل إذا علم أن الرسول أخبر بكذا، فهل يمكنه –مع علمه بصدقه فيما أخبر وعلمه أنه أخبر بكذا- أن يدفع عن نفسه علمه بثبوت المخبر، أم يكون علمه بثبوت مخبره لازماً له لزوماً ضرورياً، كما تلزم سائر العلوم لزوماً ضرورياً لمقدماتها؟ .