للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة
<<  <  ج: ص:  >  >>

ومدحهم بأنهم هم الذين يتذكرون موجبات الهدى، ودلائله، وينتفعون بها خلاف اللاهين الغافلين، يقول سبحانه (وما يذكر إلا أولوا الألباب) (١) ، وأثنى عليهم بأنهم هم الذين يعتبرون بقصص التاريخ وحوادث الحياة فيتخذون منها عبرة (لقد كان في قصصهم عبرة لأولي الألباب) (٢) ، وقال سبحانه بعد قصة لوط وقومه (ولقد تركنا منها آية لقوم يعقلون) (٣) .

جعله مدخلاً تأسيسياً لإثبات أخطر قضايا الدين وهي العقيدة: فقد جعل القرآن هذا العقل إذا تجرد عن الهوى والمصلحة والتأثر بالمحيط الخارجي الفاسد هو الطريق الموصل إلى الحق، وإثبات صحة العقيدة، وصدق النبوة يقول سبحانه (قل إنما أعظكم بواحدة أن تقوموا لله مثنى وفرادى ثم تتفكروا ما بِصاحبكم من جِنّة، إن هو إلا نذير لكم بين يدي عذاب شديد) (٤) .

وإنها لدعوة جليلة إلى إعمال الذهن، وتشغيل الطاقة العقلية، لتقتنع بالحق فتأخذ به، وتعرف الزيف فترفضه، لا دعوة إلى إطفاء مصباح العقل، والاعتقاد على عمى فيما لا يقبله العقل كما في المسيحية الكنسية.

ذم المقلدين الذين ألغو عقولهم:

أزرى القرآن الكريم بمن عطلوا تفكيرهم وأغلقوا منافذ الهداية والمعرفة، وأخذوا أمور حياتهم عن طريق التقليد، والتبعية، والوراثة لآبائهم، ولما وجدوا عليه مجتمعاتهم، قال سبحانه (وإذا قيل لهم اتبعوا ما أنزل الله قالوا بل نتبع ما ألفينا عليه آباءنا، أولو كان آباؤهم لا يعقلون شيئاً ولا يهتدون، ومثل الذين كفروا كمثل الذي ينعق بما لا يسمع إلا دعاء ونداءً صم بكم عمي فهم لا يعقلون) (٥) .


(١) البقرة ٢٦٩، آل عمران ٧.
(٢) يوسف آخر آية.
(٣) العنكبوت ٣٥.
(٤) سبأ ٤٦.
(٥) البقرة ١٧٠-١٧١.

<<  <  ج: ص:  >  >>