للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة
<<  <  ج: ص:  >  >>

وأما قوله: الحجر الأسود يمين الله في الأرض، فهو أولاً: ليس من الحديث الصحيح الثابت عن النبي - صلى الله عليه وسلم -، فلا نحتاج أن ندخله في الباب. ولكن هؤلاء يقرنون بالأحاديث الصحيحة أحاديث كثيرة موضوعة، ويقولون بتأول الجميع، كما فعل بشر المريسي ومحمد بن شجاع الثلجي وأبو بكر بن فورك في كتاب ((مشكل الحديث)) حتى أنهم يتأولون حديث عرق الخيل وأمثاله من الموضوعات.

فحديث: الحجر الأسود يمين الله في الأرض، هو معروف من كلام ابن عباس، ورُوى مرفوعاً، وفي رفعه نظر. ولفظ الحديث: الحجر الأسود يمين الله في الأرض. فمن صافحة أو قبّله فكأنما صافح الله وقبل يمينه. ففي لفظ هذا الحديث أنه يمين الله في الأرض، وأن المصافح له كأنما صافح الله وقبل يمينه. ومعلوم أن المشبه ليس هو المشبه به. فهذا صريح في أنه ليس هو نفس صفة الله، فلا يمكن أحد أن يأتي بنص صحيح صريح يدل على معنى فاسد. من غير بيان للنص أصلاً. فالحمد لله الذي سلّم كلامه وكلام رسوله من كل نقص وعيب. وسبحان ربك رب العزة عما يصفون. وسلام على المرسلين لسلامة ما قالوه من النقص والعيب. والحمد لله رب العالمين.

وأما الخطأ الثاني فيأتون إلى نصوص صحيحة دالة على معانٍ دلالة بينة، بل صريحة قطعية، كأحاديث الرؤية ونحوها، مما فيه إثبات الصفات. فيقولون: هذه تحتاج إلى التأويل كتلك، وقد تبين استغناء كل من الصنفين عن التحريف، وأن التفسير الذي به يعرف الصواب قد ذكر ما يدل عليه في نفس الخطاب: إما مقروناً به، وإما في نص آخر.

<<  <  ج: ص:  >  >>