للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة
<<  <  ج: ص:  >  >>

الوجه الخامس والستون: وهو قوله تعالى: (أفغير الله أبتغي حكماً وهو الذي أنزل إليكم الكتاب مفصلاً) . وهذا يبين أن الحكم بين الناس هو الله عز وجل وحده، بما أنزله من الكتاب المفصل كما قال في الآية الأخرى: (وما اختلفتم فيه من شيءٍ فحكمه إلى الله) . وقال تعالى: (كان الناس أمةً واحدة فبعث الله النبيين مبشرين ومنذرين وأنزل معهم الكتاب بالحق ليحكم بين الناس فيما اختلفوا فيه) وقال تعالى: (إنا أنزلنا إليك الكتاب بالحق لتحكم بين الناس بما أراك الله) . وقال: (فلا وربك لا يؤمنون حتى يحكموك فيما شجر بينهم ثم لا يجدوا في أنفسهم حرجاً مما قضيت ويسلموا تسليماً) .

الوجه السادس والستون: أنه سبحانه أخبر أن كل حكم خالف حكمه الذي أنزله على رسوله فهو من أحكام الهوى، لا من أحكام العقل، وهو من أحكام الجاهلية، لا من حكم العلم والهدى، فقال تعالى: (وأن احكم بينهم بما أنزل الله ولا تتبع أهواءهم وأحذرهم أن يفتنوك عن بعض ما أنزل الله إليك فإن تولوا فاعلم أنما يريد الله أن يصيبهم ببعض ذنوبهم وإن كثيراً من الناس لفاسقون. أفحكم الجاهلية يبغون ومن أحسن من الله حكماً لقومٍ يوقنون) .

فأخبر سبحانه وتعالى: أنه ليس وراء ما أنزله إلا اتباع الهوى، الذي يضل عن سبيله وليس وراء حكمه إلا حكم الجاهلية، وكل هذه الآراء والمعقولات المخالفة لما جاء به الرسول، هي من قضايا الهوى وأحكام الجاهلية، وإن سماها أربابها بالقواطع العقلية، والبراهين اليقينية، كتسمية المشركين أوثانهم وأصنامهم آلهة، وتسمية المنافقين السعي في الأرض بالفساد وصد القلوب عن الإيمان إصلاحاً وإحساناً وتوفيقاً.

الوجه السابع والستون: أن هؤلاء المعارضين لنصوص الوحي بعقولهم ليس عندهم علم، ولا هدى، ولا كتاب مبين، فمعارضتهم باطلة، وهم فيها أتباع كل (شيطانٍ مريد. كتب عليه أنه من تولاه فأنه يضله ويهديه إلى عذاب السعير) .

<<  <  ج: ص:  >  >>