للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة
<<  <  ج: ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

.. الثاني: ((أن من تدبر الكتب المصنفة في العقل لأهل الآثار تبين له تحريف هؤلاء مع ضعف الأصل، ومن أشهرها كتاب العقل لداود بن المحبر وهو قديم في أوائل المائة الثالثة روى عنه الحارث بن أبي أسامة ونحوه، وكذلك مصنفات غيره رووا فيها عن ابن عباس أنه دخل على أم المؤمنين عائشة فقال: ((يا أم المؤمنين أرأيت الرجل يقلّ قيامه ويكثر رقاده وآخر يكثر قيامه ويقل رقاده أيهما أحب إلى الله)) قالت: ((سألت رسول الله - صلى الله عليه وسلم - عما سألني عنه فقال: ((أحسنهما عقلاً)) فقلت: يا رسول الله إنما أسألك عن عبادتهما، فقال: ((يا عائشة إنهما لا يسألان عن عبادتهما إنما يسألان عن عقولهما، فمن كان أعقل كان أفضل في الدنيا والآخرة)) (١) .

... ورووا فيها عن البراء بن عازب قال: قال رسول الله - صلى الله عليه وسلم -: ((إن لكل إنسان سبيل مطية وثيقة ومحجة واضحة وأوثق الناس مطية وأحسنهم دلالة ومعرفة بالحجة الواضحة أفضلهم عقلاً)) (٢) .

... ورووا فيها عن ابن عمر قال: قال رسول الله - صلى الله عليه وسلم -: ((إن الرجل ليكون من أهل الصيام وأهل الصلاة وأهل الحج وأهل الجهاد فما يجزى يوم القيامة إلا بقدر عقله)) (٣) فهل يشك من سمع هذه الأحاديث أن المراد بذلك الإنسان؟ ليس المراد ما هو أعظم المخلوقات الموجودات بعد الباري عندهم وهو عندهم أبدع كل ما سواه، وأن الاستدلال بهذا الحديث ونحوه على إرادة هذا المعنى من أعظم الضلال وأبعد الباطل والمحال، هذا لعمري لو كان ذلك ثابتاً عن رسول الله - صلى الله عليه وسلم -. وقد قال أبو حاتم بن حبان البستي ((لست أحفظ عن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - خبراً صحيحاً في العقل)) .


(١) الموضوعات (١/١٧٦) .
(٢) ذم الهوى (٧) تحقيق مصطفى عبد الواحد. الطبعة الأولى ١٣٨٠هـ- تنزيه الشريعة (١/٢١٥) .
(٣) المجروحين (٣/٤٠) – الموضوعات (١/١٧٢) - تنزيه الشريعة (١/٢١٤) - الفوائد المجموعة (٤٧٥) .

<<  <  ج: ص:  >  >>