للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة
<<  <  ج: ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

.. وقال القاضي أبو يعلى تعليقاً على قولهم ((وهذا فاسد لأن الدليل على أن الجواهر كلها من جنس واحد خلافاً للملحدة في قولهم هي مختلفة لأن معنى المثلين ما سد أحدهما مسد صاحبه وناب منابه والجواهر على هذا لأن كل واحد منها متحرك وساكن وعالم فلو كان العقل جوهراً لكان من جنس العاقل ولاستغنى العاقل بوجود نفسه في كونه عاقلاً عن وجود مثله وما هو من جنسه، وقد ثبت أنه ليس بعاقل بنفسه فمحال أن يكون عاقلاً بجوهر من جنسه، ولأنه لو كان جوهراً لصح قيامه بذاته ووجوده لا بعاقل، ولصح أن يعقل ويكلف لأن ذلك مما يجوز على الجواهر، وفي امتناع ذلك دليل على أنه ليس بجوهر، فثبت أنه عَرَض)) (١) .

... قلت: وبعد بيان بطلان هذا الحديث وجميع الأحاديث التي في العقل -سنداً ومتناً-، يتضح لنا مدى جهل وافتراء من زعم أن تضعيف المحدثين لمثل هذه الأحاديث كان بسبب موقفهم من المعتزلة والفلاسفة الذي غلوا في العقل! أو كما يقول أحدهم: ((نتيجة للملاحقة السنية العمياء التي حاولت النيل من كل من اشتغل بأمور العقل والكلام)) (٢) ! ، أو كما يقول غيره: ((لجمود المحدثين الذي اتصف به كثيرٌ منهم)) (٣) ! وأن أحاديث العقل تتفق في جوهرها مع الإسلام (٤) .

... ((والذي يظهر أنهم ظنوا أن رد هذه الأحاديث فيه تهوين من شأن العقل، وإجحاف بحقه، وهذا غير وارد، حتى مع رد تلك الأحاديث، فللعقل مقام كبير ومنزلة سامية في الإسلام جاء بها قرآنه وسنة رسوله - صلى الله عليه وسلم -، كما سيأتي)) (٥) .


(١) العدة (١/٨٧) .
(٢) العقل وفهم القرآن - تحقيق حسين القوتلي (ص ١٢٧)
(٣) الإسلام والعقل، لصلاح المنجد (ص ٤١) .
(٤) العقل وفهم القرآن (ص ١٢٥ وما بعدها) .
(٥) العقل مجالاته وآثاره في ضوء الإسلام، للشيخ الدكتور عبد الرحمن الزنيدي (ص ٥٤) رسالة ماجستير بجامعة الإمام، والنقولات السابقة منه - حفظه الله -.

<<  <  ج: ص:  >  >>