للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة
<<  <  ج: ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

وقال شيخ الإسلام ((العقل قائم بنفس الإنسان التي تعقل. وأما من البدن فهو متعلق بقلبه كما قال تعالى: (أفلم يسيروا في الأرض فتكون لهم قلوب يعقلون بها) وقيل لابن عباس بماذا نلت العلم؟ قال: بلسان سؤول وقلب عقول. لكن لفظ القلب قد يراد به المضغة الصنوبرية الشكل التي في الجانب الأيسر من البدن التي جوفها علقة سوداء كما في الصحيحين عن النبي - صلى الله عليه وسلم - ((إن في الجسد مضغة إذا صلحت صلح لها سائر الجسد وإذا فسدت فسد لها سائر الجسد)) وقد يراد بالقلب باطن الإنسان مطلقاً فإن قلب الشيء باطنه كقلب الحنطة واللوزة والجوزة ونحو ذلك. وعلى هذا فإذا أريد بالقلب هذا فالعقل متعلق بدماغه أيضاً. ولهذا قيل إن العقل في الدماغ كما يقوله كثير من الأطباء. ونقل ذلك عن الإمام أحمد. ويقول طائفة من أصحابه إن أصل العقل في القلب فإذا كمل انتهى إلى الدماغ. والتحقيق أن الروح التي هي النفس لها تعلق بهذا وهذا وما يتصف من العقل به يتعلق بهذا وهذا لكن مبدأ الفكر والنظر في الدماغ ومبدأ الإرادة في القلب والعقل يراد به العلم ويراد به العمل فالعلم الاختياري أصله الإرادة وأصل الإرادة في القلب والمريد لا يكون مريداً إلا بعد تصور المراد. فلابد أن يكون القلب متصوراً فيكون منه هذا وهذا ويبتدئ ذلك من الدماغ وآثاره صاعدة إلى الدماغ فمنه المبتدأ وإليه الانتهاء وكلا القولين له وجه صحيح)) (١) .


(١) الفتاوى (٩/٣٠٣) .

<<  <  ج: ص:  >  >>