للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

وكره إمامة العبد والأعمى والأعرابي وولد الزنا والجاهل والفاسق والمبتدع وتطويل الصلاة,...................................

ــ

لا يأثمون كذا في [التجنيس] وفيه لو أم قوما وهم له كارهون فهو من ثلاثة أوجه إن كانت الكراهة لفساد فيه أو كانوا أحق بالإمامة منه يكره وإن كان هو أحق بها منهم ولا فساد فيه ومع هذا يكرهونه لا يكره له التقدم لأن الجاهل والفاسق يكره العالم والصالح قال صلى الله عليه وسلم: "إن سركم أن تقبل صلاتكم فليؤمكم علماؤكم فإنهم وفدكم فيما بينكم وبين ربكم" وفي رواية: "فليؤمكم خياركم" "وكره إمامة العبد" إن لم يكن عالما تقيا "والأعمى" لعدم اهتدائه إلى القبلة وصون ثيابه عن الدنس وإن لم يوجد أفضل منه فلا كراهة "والأعرابي"١ الجاهل أو الحضري لجاهل "وولد الزنا" الذي لا علم عنده ولا تقوى فلذا قيده مع ما قبله بقوله "الجاهل" إذ لو كان عالما تقيا لا تكره إمامته لأن الكراهة للنقائض حتى إذا كان الأعرابي أفضل من الحضري والعبد من الحر وولد الزنا من ولد الرشد والأعمى من البصير فالحكم بالضد كذا في الاختيار "و" لذا كره إمامة "الفاسق" العالم لعدم اهتمامه بالدين فتجب إهانته شرعا فلا يعظم بتقديمه للإمامة وإذا تعذر منعه ينتقل عنه إلى غير مسجده للجمعة وغيرها وإن لم يقم الجمعة إلا هو تصلى معه "والمبتدع" بارتكابه ما أحدث على خلاف الحق المتلقى عن رسول الله صلى الله عليه وسلم من علم أو عمل أو حال بنوع شبهة أو استحسان وروى محمد عن أبي حنيفة رحمه الله تعالى وأبي يوسف أن الصلاة خلف أهل الأهواء لا تجوز والصحيح أنها تصح مع الكراهة خلف من لا تكفره بدعته لقوله صلى الله عليه وسلم: "صلوا خلف كل بر وفاجر وصلوا على كل بر وفاجر وجاهدوا مع كل بر وفاجر" رواه الدارقطني كما في [البرهان] وقال في [مجمع الروايات] : وإذا صلى خلف فاسق أو مبتدع يكون محرزا ثواب الجماعة لكن لا ينال ثواب من يصلي خلف إمام تقي "و" كره للإمام "تطويل الصلاة"٢ لما فيه من تنفير الجماعة لقوله


١ المراد بالأعرابي: هنا من سكن البادية عربيا أو عجميا لغلبة الجهل عليهم لبعدهم عن مجالس العلم وهذا ظاهر في كراهة العامي الذي لا علم عنده.
٢ الصحيح أن التطويل المكروه ما زاد على القدر المسنون, وحديث معاذ كان في العشاء فخالف بقراءة البقرة. ولو كان الأمر بالتخفيف مدعاة إلى ترك السنة للزم التسوية بين سائر الصلاوات في القراءة وهذا مالا يريده الرسول وما لم يؤثر عنه فقد صح أنه كان يقرأ في الفجر ق ونحوها, وبالصافات وبالواقعة وبما بين الستين إلى المائة كما في مسلم. أما ما روي من أنه قرأ في الصبح بالمعوذتين فلأنه كان في سفر وأما ما روي من أنه صلى في الفجر بأقصر سورتين من القرآن فلما قضى صلاته قال: "إنما عملت – أو أسرعت – لتفرغ أم الصبي إلى صبيها" فلا دليل فيه لأنها ضرورة. وحديثه يدل على أنه خالف عادته وهي التطويل في الفجر ومن ثم وجب البيان ليزيل العجب. والخلاصة: أن التخفيف لمعنى نسبي والحكم فيه حال الرسول صلى الله عليه وسلم وحال أصحابه من بعده لا شهوتنا وهوانا. واسمع إلى أنس يقول: كان – عليه الصلاة والسلام – يأمرنا بالتخفيف ويؤمنا بالصافات, وعلى ذلك جرى أصحاب رسول الله صلى الله عليه وسلم فالعجب من الطحطاوي كيف ارتضى بالصافات كراهة القدر المسنون للإمام.

<<  <   >  >>