إن عذابك الجد بالكفار ملحق وصلى الله على سيدنا النبي وآله وسلم. والمؤتم يقرأ القنوت كالإمام وإذا شرع الإمام في الدعاء بعد ما تقدم قال أبو يوسف رحمه الله يتابعونه ويقرءونه معه وقال محمد لا يتابعونه ولكن يؤمنون والدعاء هو اللهم أهدنا.................
ــ
لأمرك مقتصرين على القلب واللسان إذ هو طمع الكاذبين ذوي البهتان نعتقد ونقول "إن عذاب الجد" أي الحق وهو بكسر الجيم اتفاقا بمعنى الحق وهو ثابت في مراسيل أبي داود فلا يلتفت لمن قال أنه لا يقول الجد "بالكفار ملحق" أي لاحق بهم بكسر الحاء أفصح وقيل بفتحها يعني أن الله سبحانه وتعالى ملحقه بهم ولما روى النسائي بإسناد حسن أن في حديث القنوت "وصلى الله على النبي" صلينا عليه صلى الله عليه "و" على "آله وسلم" كما اختار الفقيه أبو الليث رحمه الله تعالى أنه يصلي في القنوت على النبي صلى الله عليه وسلم "والمؤتم يقرأ القنوت كالإمام" على الأصح ويخفي الإمام والقوم على الصحيح لكن استحب للإمام الجهر في بلاد العجم ليتعلموه كما جهر عمر رضي الله عنه بالثناء حين قدم عليه وفد العراق ولذا فصل بعضهم إن لم يعلم القوم فالأفضل للإمام الجهر ليتعلموا وإلا فالإخفاء أفضل "وإذا شرع الإمام في الدعاء" وهو اللهم اهدنا الخ كما سنذكره "بعد ما تقدم" من قوله اللهم إنا نستعينك الخ "قال أبو يوسف رحمه الله يتابعونه ويقرؤونه معه" أيضا "وقال محمد لا يتابعونه" فيه ولا في القنوت الذي هو اللهم إنا نستعينك ونستغفرك "ولكن يؤمنون" على دعائه والدعاء قال طائفة من المشايخ أنه لا توقيت فيه والأولى أن يقرأ بعد المتقدم قنوت الحسن بن علي رضي الله عنهما قال علمني رسول الله صلى الله عليه وسلم كلمات أقولهن في الوتر وفي لفظ في قنوت الوتر ورواه الحاكم وقال فيه إذا رفعت رأسي ولم يبق إلا السجود اللهم اهدني فيمن هديت وعافني فيمن عافيت وتولني فيمن توليت وبارك لي فيما أعطيت وقني شر ما قضيت إنك تقضي ولا يقضى عليك وإنه لا يذل من واليت تباركت وتعاليت وحسنه الترمذي وزاد البيهقي بعد واليت ولا يعز من عاديت وزاد النسائي بعد وتعاليت وصلى الله على النبي فهو كما ترى بصيغة الإفراد المروى عنه صلى الله عليه وسلم حال دعائه في قنوت الفجر لما كان يفعله قال الكمال ابن الهمام لكنهم أي المشايخ لفقوه من حديث في حق الإمام عام لا يخص القنوت فقالوه بنون الجمع أي اللهم اهدنا وعافنا وتولنا إلى أخره انتهى. قلت ومنهم صاحب الدرر والغرر والبرهان "والدعاء" الذي قالوه "هو اللهم اهدنا" ورواية الحسن اهدني كما نبهنا عليها - أصل الهداية الرسالة والبيان كقوله تعالى:{وَإِنَّكَ لَتَهْدِي إِلَى صِرَاطٍ مُسْتَقِيمٍ}[الشورى: من الآية٥٢] فأما قوله {إِنَّكَ لا تَهْدِي مَنْ أَحْبَبْتَ وَلَكِنَّ اللَّهَ يَهْدِي مَنْ يَشَاءُ}[القصص: من الآية٥٦] فهي من الله تعالى التوفيق والإرشاد فطلب المؤمنين مع كونهم مهتدين