للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

وكره الصمت إن اعتقده قربة والتكلم إلا بخير، وحرم الوطء ودواعيه وبطل بوطئه وبالإنزال بدواعيه، ولزمته الليالي أيضا بنذر اعتكاف أيام ولزمته الأيام بنذر الليالي متتابعة وإن لم يشترط التتابع في ظاهر الرواية ولزمته ليلتان بنذر يومين وصح نية النهر خاصة دون الليالي وإن نذر اعتكاف شهر ونوى النهر خاصة أو الليالي خاصة لا تعمل نيته إلا أن يصرح بالاستثناء.................

ــ

تعالى فلا يشتغل بأمور الدنيا ولهذا كره الخياطة ونحوها فيه وكره لغير المعتكف البيع مطلقا "وكره الصمت إن اعتقده قربة والتكلم إلا بخير" لأنه منهي عنه لأنه صوم أهل الكتاب وقد نسخ وأما إذا لم يعتقده قربة فيه ولكنه حفظ لسانه عن النطق بما لا يفيد فلا بأس به ولكنه يلازم قراءة القرآن والذكر والحديث والعلم ودراسته وسير النبي صلى الله عليه وسلم وقصص الأنبياء عليهم السلام وحكايات الصالحين وكتابه أمور الدين. وأما التكلم بغير خير فلا يجوز لغير المعتكف والكلام المباح مكروه يأكل الحسنات كما تأكل النار الحطب إذا جلس في المسجد لذلك ابتداء "وحرم الوطء ودواعيه" لقوله تعالى: {وَلا تُبَاشِرُوهُنَّ وَأَنْتُمْ عَاكِفُونَ فِي الْمَسَاجِدِ} [البقرة: ١٨٧] فالتحق به اللمس والقبلة لأن الجماع محظور فيه فيتعدى إلى دواعيه كما في الإحرام والظهار والاستبراء بخلاف الصوم لأن الكف عن الجماع هو الركن فيه والحظر يثبت ضمنا كيلا يفوت الركن فلم يتعد إلى دواعيه لأن ما ثبت بالضرورة يقدر بقدرها "وبطل" الاعتكاف "بوطئه وبالإنزال بدواعيه" سواء كان عامدا أو ناسيا أو مكرها ليلا أو نهارا لأن له حالة مذكرة كالصلاة والحج بخلاف الصوم ولو أمنى بالتفكر أو بالنظر لا يفسد اعتكافه "ولزمته الليالي أيضا" أي كما لزمته الأيام "بنذر اعتكاف أيام" لأن ذكر الأيام بلفظ الجمع يدخل فيها ما بإزائها من الليالي وتدخل الليلة الأولى فيدخل المسجد قبل الغروب من أول ليلة ويخرج منه بعد الغروب من آخر أيامه "ولزمته الأيام بنذر الليالي متتابعة وإن لم يشرط التتابع في ظاهر الرواية" لأن مبنى الاعتكاف على التتابع وتأثيره إن ما كان متفرقا في نفسه لا يجب الوصل فيه بالتنصيص وما كان متصل الأجزاء لا يجوز تفريقه إلا بالتنصيص "ولزمته ليلتان بنذر يومين" فيدخل عند الغروب كما ذكرنا لأن المثنى في معنى الجمع فيلحق به هنا احتياطا "وصح نية النهر" جمع نهار "خاصة" بالاعتكاف إذا نوى تخصيصه بالأيام "دون الليالي" إذا نذر اعتكاف دون شهر لأنه نوى حقيقة كلامه فتعمل نيته كقوله نذرت اعتكاف عشرين يوما ونوى بياض النهار خاصة منها صحت نيته "وإن نذر اعتكاف شهر" معين أو غير معين "ونوى الشهر خاصة أو الليالي خاصة لا تعمل نيته إلا أن يصرح بالاستثناء" اتفاقا لأن الشهر اسم لمقدر يشتمل على الأيام والليالي وليس باسم عام كالعشرة على مجموع الآحاد فلا ينطلق على ما دون ذلك العدد أصلا،

<<  <   >  >>