فوجده حامضاً فقال له سيده أعطني غير هذا فناوله عنقوداً حامضاً فقال له سيده ما السبب في أنك لا تناولني من هذا الكثير غير الحامض فقال لأني لا أعلم أحامض هو أم حلو فقال له سيده سبحان الله لك في هذا الكرم شهر كامل ما تعرف الحامض من الحلو فقال وحقك أيها السيد انني ما ذقته ولم أعلم أحامض أم حلو فقال له لم لا أكلت منه فقال لأنك أمرتني بحفظه ولم تأمرني بأكله فما كنت أخونك فعجب القاضي منه فقال له حفظ الله عليك أمانتك وعلم القاضي أن الغلام غزير العقل فقال له القاضي أيها الغلام قد وقع لي رغبة فيك وينبغي أن تفعل ما آمرك به فقال الغلام أنا مطيع لله لك فقال القاضي: إعلم أن لي بنتاً جميلة وقد خطبها كثير من الرؤساء والتقدمين ولا أعلم لمن أزوجها فأشر علي بما ترى فقال الغلام: إن الكفار في زمن الجاهلية كانوا يريدون الأصل والنسب والبيت والحسب واليهود والنصارى يطلبون الحسن والجمال وفي عهد رسول الله صلى الله عليه وسلم كان الناس يطلبون الدين والتقى. أما وفي زماننا هذا فالناس يطلبون المال فاختر من هذه الأربعة ما تريد فقال القاضي قد اخترت الدين والأمانة، وجربت منك العفة والصيانة. فقال الغلام أيها السيد أنا عبد رقيق هندي أسود أبتعتني بمالك كيف تزوجني بإبنتك وترضاني فقال له القاضي قم بنا إلى البيت لندبر هذا الأمر فلما صارا الى المنزل قال القاضي لزوجته اعلمي أن هذا الغلام الهندي دين تقي وقد رغبت في صلاحه وأريد أن أزوجه ابنتي فما تقولين فقالت الأمر إليك ولكن أمضي الى الصبية وأخبرها وأعيد عليك جوابها فجاءت المرأة الى الصبية وأدت إليها رسالة أبيها فقالت مهما أمرتماني به فعلته ولا أخرج من تحت حكمكما ولا أعاندكما بالمخالفة بل أبركما فزوج القاضي ابنته بالمبارك واعطاهما مالاً عظيماً فأولدها المبارك ولداً وسماه عبد الله وهو معروف في جميع العالم وهو عبد الله بن المبارك صاحب العلم والزاهد ورواية الأحاديث فما دامت الدنيا يحدث عنه يروى.