الرشيدة وعصي مولاه، واتَبع هواه، فأنه لا يجد الطريق على الصراط ولا يهتدي إلى الجواز ويقع في جهنم. والكل يوقفون على الصراط ويُسألون عن أفعالهم؛ فيُسأل الصادقون عن صدقهم ويمتحن المراؤون والمنافقون ويفضحون، فمن الناس قوم يدخلون الجنة بغير حساب وجماعة يحاسبون بالرفق والمسامحة، وجماعة يحاسبون بالصعوبة والمناقشة والمحاققة، ثم يسحب الكفار إلى نار جهنم بحيث لا يجدون خلاصاً، ويدخل أهل الجنة ويؤمر بالعصاة إلى النار، وكل من نالته شفاعة الأنبياء والعلماء والأكابر عُفي عنه، وكل من ليس له شفيع عوقب بمقدار إثمه وعُذب بقدر جرمه، ثم يدخل الجنة إن كان قد سلم معه أيمانه.
[الأصل العاشر في ذكر رسول الله صلى الله عليه وسلم]
ولما قدّر الله تعالى هذا التقدير وجعل الإنسان وأحواله، واكتسابه وأعماله، منها ما هو سبب لسعادته، ومنها ما هو سبب لشقاوته، والإنسان لا يقدر أن يعرف ذلك من تلقاء نفسه، خلق الله تعالى، بحكم فضله ورحمته، وطوله ومنته، ملائكة وبعثهم إلى أشخاص قد حكم لهم بالسعادة في الأزل وهم الأنبياء، عليهم الصلاة والسلام، فأرسلهم إلى الخلق ليوضحوا لهم طرق السعادة والشقاوة لئلا يكون للناس على الله حجة، وأرسل نبينا محمداً صلى الله عليه وسلم آخراً، وجعله بشيراً ونذيراً، فأوصل نبوّته إلى درجة الكمال، فلم يبقَ للزيادة فيه مجال، ولهذا جعله خاتم الأنبياء فلا نبي بعده، وأمر الخلائق من الأنس والجن بطاعته واتباعه وجعله سيد الأولين والآخرين، وجعل أصحابه خير أصحاب الأنبياء، صلوات الله عليهم أجمعين.