وأن جميع ما في العالم مخلوق له تعالى وليس معه شريك ولا خالق بل هو الخالق الواحد، ومهما خلقه من تعب ومرض وفقر وعجز وجهل فعدل منه، ولا يمكن الظلم في أفعاله لأن الظالم هو الذي يتصرف في ملك غيره، والخالق تعالى لا يتصرف إلا في ملكه، وليس معه مالك سواء، وكل ما يكون وهو كائن فهو ملك له، وهو المالك بلا شبيه ولا شريك، وليس لأحد عليه اعتراض بلم وكيف، ولكن له الحكم والأمر في كل أفعاله وما لأحد غير التسليم والنظر إلى صنعه والرضا بقضائه.
[الأصل التاسع في ذكر الآخرة]
وأنه تعالى خلق العالم من نوعين جسد وروح، وجعل الجسد منزلاً للروح لتأخذ زاداً لآخرتها من هذا العالم، وجعل لكل روح مدة مقدّرة تكون في الجسد، فآخر تلك المدة هو أجل تلك الروح من غير زيادة ولا نقصان، فإذا جاء الأجل فرّق بين الروح والجسد، وإذا وضع الميت في قبره أعيدت روحه إلى جسده ليجيب سؤال منكر ونكير، وهما شخصان هائلان عظيمان فيسألانه من ربك ومن نبيك فإن استعجم ولم يجب عذّباه وملآ قبره حيات وعقارب. ويوم القيامة، يوم الحساب والمكافأة والمناقشة والمجازاة، تردّ الروح إلى الجسد وتنشر الصحف وتعرض الأعمال على الخلائق، فينظر كل إنسان في كتابه فيرى أعماله، ويشاهد أفعاله، ويعلم مقدار طاعته ومعصيته، وتوزن أعماله في ميزان الأعمال ثم يؤمر بالجواز على الصراط. والصراط أدق من الشعرة وأحدّ من الشفرة فكل من كان في هذا العالم على الطريقة المستقيمة الصالحة، وسلوك المحجة الواضحة، عبر على الصراط وجازه في راحة واستراحة، وإن لم يكن على السيرة المحمودة، والأعمال الصالحة