وأنها تفارق أمها وأباها وجميع أقاربها، وإنها تخدمه دائماً وهو لايخدمها دائماً، وإنها تتلف نفسها إذا كان مريضاً وهو لايغتم لو ماتت. فلهذه الوجوه التي ذكرناها يجب على العقلاء أن يكونوا رحماء على النساء ولا يظلمونهن ولا يجوروا عليهن فإن المرأة أسير الرجل ويجب على الرجال مداراة النساء لنقص عقولهن وبسبب نقص عقولهن لا يجوز لأحد أن يتدبر برأيهن ولا يتلفت إلى أقوالهن ومن اعتمد على آرائهن ودبر نفسه بمشورتهن كان كما جاء في الحكاية.
حكاية: يقال أن خسرو بن أبرويز كان يحب أكل السمك فكان يوماً جالساً وشيرين معه فجاء الصياد ومعه سمكة كبيرة فأهداها لخسرو ووضعها بين يديه فأعجبته فأمر له بأربعة آلاف درهم فقالت شيرين بئس ما فعلت فقال ولم فقالت لأنك إذا أعطيت أحداً من حشمك بعد هذا مثل هذه العطية احتقرها وقال أعطاني مثل ما اعطى الصياد فقال الملك لقد صدقت ولكن يقبح بالملك استرجاع ما وهبه وقد فات ذلك الأمر فقالت شيرين أنا أدبر هذا الحال فقال وكيف ذاك فقالت تدعو الصياد وتقول له هذه السمكة ذكر أم أنثى فإن قال أنثى فقل إنما أردت ذكراً وان قال ذكر فقل إنما أردت أنثى فنودي الصياد وكان ذا ذكاء وفطنة فقال خسرو هذه السمكة ذكر أم أنثى فقبل الصياد الأرض وقال أدام الله إقبال الملك هذه السمكة خنثى لا ذكر ولا أنثى فضحك خسرو من كلامه وأمر له بأربعة آلاف درهم أخرى فمضى الصياد إلى الخازن وقبض منه ثمانية آلاف درهم ووضعها في جراب كان معه وحملها على كاهله وهم بالخروج فوقع من الجراب درهم واحد فوضع الصياد الجراب عن كاهله وانحنى على الدرهم والملك وشيرين ينظران إليه فقالت شيرين لخسروا أرايت إلى خسة هذا الصياد وسفالته سقط منه درهم واحد فألقى عن عنقه ثمانية آلاف درهم وانحنى على ذلك الدرهم فأخذه ولم يسهل عليه أن يتركه فكان يأخذه بعض غلمان الملك فحرد خسرو من ذلك ثم أعاد الصياد إليه وقال له يا ساقط الهمة ألست