حكمة: كان سليمان بن عبد الملك خليفة فتفكر يوماً وقال: قد تنعمت في الدنيا طويلاً فكيف حالي في الآخرة؟ وأتى إلى أبي حازم، وكان عالم أهل زمانه وزاهد أوانه، وقال: أنفذ لي شيئاً من قوتك الذي تفطر عليه. فأنفذ له قليلاً من نخالة وقد شواها، فقال: هذا فطوري. فلما رأي سليمان ذلك أفطر الليلة الثالثة على تلك النخالة المشوية، فيقال إنه في تلك الليلة تغشى أهله فكان منها عبد العزيز وجاء منه عمر بن عبد العزيز. وكان واحد زمانه في عدله وإنصافه وزهده وإحسانه، وكان على طريقة عمر بن الخطاب رضي الله عنه، وقيل أن ذلك ببركة نيته وصيامه وأكله من ذلك الطعام.
نكتة: سئل عمر بن عبد العزيز: ما كان سبب توبتك؟ قال: كنت أضرب يوماً غلاماً فقال لي: اذكر الليلة التي تكون صبيحتها القيامة، فعمل ذلك الكلام في قلبي.
نكتة أخرى: رأى بعض الأكابر هارون الرشيد في عرفات وهو حافٍ حاسر قائم على الرمضاء الحارة، وقد رفع يديه وهو يقول: إلهي أنت أنت وأنا أنا الذي دأبي كل يوم أعود إلى عصيانك ودأبك أن تعود إليّ برحمتك. فقال بعض الكبراء: انظروا إلى تضرع جبار الأرض بين يديّ جبار السماء.
نكتة أخرى: سأل عمر بن عبد العزيز يوماً حازم الموعظة فقال له أبو حازم: إذا نمت فضع الموت تحت رأسك وكل ما أحببت أن يأتيك الموت وأنت عليه مصرّ فالزمه، وكل مالا تريد أن يأتيك الموت وأنت عليه فاجتنبه، فربما كان الموت منك قريباً. فينبغي لصاحب الولاية أن يجعل هذه الحكاية نصب عينيه، وأن يقبل المواعظ التي وعظ بها غيره فكلما رأى علماً سأله أن يعظه، وينبغي للعلماء أن يعظوا الملوك بمثل هذه المواعظ ولا يغرّوهم ولا يدّخروا عنهم كلمة الحق وكل من غرّهم فهو مشارك لهم، والله سبحانه وتعالى أعلم.