في كل موضع ينزله أن يامر المنادي أن ينادي في العسكر إن الجند ما لهم في الرعية شغل فمضى رجل من الخرنبدية ودخل مبطخة قوم فتناول من البطيخ قدراً يسيراً فجاءوا إلى باب الملك واستغاثوا فأمر بإحضاره فأحضر بين يديه فقال له ما حملك على أن آذيت رعيتي قال أخطأت قال لا أقدر لأجل خطئك على دخول النار ثم أمر به فقطعت يده.
حكاية: يحكى عن إسماعيل الساماني في كتاب سير الملوك أنه كان ينزل بحذاء موليان وكان يصل كل وقت إلى مدينة كغد ويأمر المنادي أن ينادي في الناس وكان يرفع الحجاب ويزيح البواب ليجيء كل من له ظلامة ويقف على جانب البساط ويخاطبه ويعود مقضي الحاجة. وكان يقضي بين الخصوم مثل الحكام إلى أن تفي الدعاوي ثم يقوم من موضعه ويقبض على محاسنه ويوجه وجهه نحو السماء ويقول: إلَهي هذا جهدي وطاقتي قد بذلتهما وأنت عالم الأسرار تعلم نيتي ولا أعلم على أي عبد من عبادك حفت، ولا لأيهم ظلمت. وماأنصفت أنا واحداً من أصحابي فأغفر لي يا ألَهي من ذلك ما لا أعلم. فلما كان نقي النية، جميل الطوية، لا جرم علا أمره، وارتفع قدره وكان عسكره ألف فارس معتدين بالسلاح مقنعين بالحديد وببركة ذلك العدل والأنصاف ظفره الله تعالى بعمرو بن ليث حتى قبض عليه وفتح خراسان. ثم أن عمرو ابن ليث أنفذ إليه من السجن فقال: لي بخراسان أموال كثيرة وكنوز موفورة. وأنا أسلم الجميع إليك وأطلقني من السجن فلما سمع إسماعيل ذلك ضحك وقال إلى الآن لم يستقم معي عمرو ابن ليث يريد أن يجعل المظالم التي احتقبها. والمآثم التي ارتكبها، في عنقي ويتخلص من ثقل أوزارها ي القيامة قولوا له مالي في مالك حاجة. ثم أنه أخرجه من السجن وأنفذه رسولاً إلى بغداد فنال من أمير المؤمنين الخلع والتشريق. وجلس إسماعيل في مملكته بخراسان آمناً فارغ البال، حسن الحال. وبقيت المملكة في عنصر السامانية مائة وثلاثين سنة فلما إنتقل الأمر إلى أصاغرهم وصبيانهم ظلموا الخلق، وتعدوا الحق فزال ملكهم. قال رسول الله صلى الله عليه وسلم (عدل السلطان يوماً