الناس وحزعوا لما رأوا من فعله كان الليل خرج وطاف فلقي ثلاثمائة رجل فأخذ رؤوسهم فلم يقدر أحد بعد ذلك أن يخرج من منزله بعد العشاء الآخرة. فلما كان يوم الجمعة رقى المنبر وقال أيها الناس لا يغلق أحد منكم دكانه بالليل ومهما سرق منكم كان غرامته على فلم يجسر أحد منهم أن يغلق دكانه تلك الليلة فلما كان من الغد أتاه رجل صيرفي وقال قد سرق مني البارحة أربعمائة دينار فقال له زياد تقدر أن تحلف على صحة قولك فقال نعم فحلفه وغرم له أربعمائة دينار وقال له اكتم هذا الأمر ولا تشعر به أحداً فلما كان في الجمعة الثانية اجتمع الناس لصلاة الجمعة وصعد زياد المنبر وقال اعلموا أنه قد سرق من دكان الصيرفي أربعمائة ديناراً وأنتم كلكم حاضرون فإن رددتم ذلك فقد عاد إلى الرجل ماله وإن لم تردوا ذلك فقد أمرت أن لا يمكن أحد منكم أن يخرج من الجامع وأمرت بقتلكم في هذه الساعة ففي الحال لوموا من كان يتهمونه بالسرقه وقدموه بين يديه فرد الذهب الذي كان سرقه فأمر بصلبه في الحال. ثم أنه سأل بعد ذلك أي محلة في البصرة ليس فيها أمن فقيل محلة بني الأزد فأمر أن يترك فيها ثوب ديباح له قيمة ثقيلة ليلاً بحيث لا يراه أحد فبقي أياماً ملقى بحاله ولم يكن لأحد جسارة أن يقربه ولا يرفعه من مكانه فقال له أقاربه بعد ذلك أن السياسة خير الأشياء إلا أنك لم ترحم المسلمين أولاً أهلكت خلقاً كثيراً فقال قد أخذت عليهم الحجة قبل ذلك بثلاثة أيام ومن شؤم مخالفتهم لم ينتهوا والذي أصابهم كان من شؤم أعمالهم.