في خزائنه كان مثله رجل عمل أساس حائط ولم يصبر حتى يجف ثم وضع البنيان عليه فلم يبق الأساس ولا الحائط. ينبغي للسلطان أن يأخذ ما يأخذه من الرعية وأن يهب ما يهبه بقدره لأن لكل واحد من هذين حداً محدوداً كما جاء في الحكاية.
حكاية: يقال أن المأمون ولى يوماً أربعة نفر ولايات فأعطى لواحد منهم منشور خراسان خلع عليه ثلاثة آلاف دينار وولى الآخر ولاية مصر وخلع عليه خلعة مثلها، وولى الآخر ولاية ارمينية وأعطاه خلعة مثلها ثم إستدعى يومئذ موبذان وقال يا دهقان هل كان لملوك العجم مثل هذه الخلع فإنه بلغني أن خلعهم ما كانت تبلغ أكثر من أربعة آلاف درهم فقال الموبذان أطال الله بقاء أمير المؤمنين كان لملوك العجم ثلاثة ليست لكم (أحدها) أنهم كانوا يأخذون ما يأخذونه من الرعية بقدر ويعطونه بقدر (والثاني) أنهم كانوا يأخذون من موضع يجوز الأخذ منه ويعطون لمن ينبغي أن يعطى (والثالث) أنهم ما كان يخافهم إلا أهل الريب فقال المأمون صدقت ولم يعد عليه جواباً.
ولأجل هذا لما كشف المأمون تربة كسرى أنو شروان وفتح تابوته وفتشه وجد صورته وهي بمائها ما بليت، والثياب بجدتها ما تغيرت ولا خلقت، والخاتم في يده ياقوت أحمر كثير الثمن ما رأى المأمون قبله فصاً مثله وكان على فصه مكتوب به مه نه مه به. ومعنى ذلك الأجود أكبر وليس الأجود أكبر فأمر أن يغطى بثوب نسج من الذهب وكان مع المأمون خادم فأخذ الخاتم من أصبع كسرى ولم يشعر المأمون وكان مع المأمون خادم فأخذ الخاتم من أصبع كسرى ولم يشعر المأمون فلما علم به أعاده وأمر بإهلاك الخادم وقال كاد يفضحني بحيث يقال عني إلى يوم القيامة إن المأمون كان نباشاً وأنه فتح تربة كسرى وأخذ خاتمه من أصبعه.