للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

الدين والعقل منه حيين في قلبه ليكون في قلوب الرعية محبوباً، وأن يكون العقل قريباً، وأن يكون طالباً للعلم ليعلم من العلماء وأن يكون فضله غزيراً، وبيته كبيراً، ليعظم عند الفضلاء، ويربي الأدباء ليتفرع عنه الأدباء، وأن يبعد عن مملكته متطلبي العيوب لتبعد عنه العيوب. وكل ملك لم يكن له مثل هذه الخصال لا يفرح بمملكته، وتسرع إليه دواعي هلكته، ويتلف أقرباؤه على يده وجلساؤه لأن القيل يظهر من عدم العقل كما قال الشاعر:

يقولُ الحكيمُ المقالَ الأسدَ ... دع المُزح إذ لستُ فيهِ أسدِ

تحفظُ بنفسِك مع مُفلتِي ... ك فعينك للملكِ تجني الحردِ

وخف أن تنازعَه مُلكهُ ... وفي حالةِ السخطِ عنه ابتعدِ

سمِعًتُ عن الخمرِ أن المليكَ ... يسكرُ مِنها قُبيل الأمدِ

إشارة وحكمة: سأل معاوية الأحنف بن قيس فقال يا أبا يحيى كيف الزمان فقال الزمان أنتا إن صلحت صلح الزمان وإن فسدت فسد الزمان. وقال الأحنف بن قيس أن الدنيا عمرت بالعدل فكذلك تخرب بالجور لأن العدل يصفو نوره، وتلوح تباشيره، من مسيرة ألف فرسخ والجور يتراكم ظلامه، ويسود قتامه من مسيرة ألف فرسخ. وقال الفضيل بن عياض لو كان دعائي مستجاباً لم أدع به لغير السلطان العادل لأن السلطان العادل صلاح العباد، وزينة البلاد، وقد جاء في الخبر، عن سيد البشر صلوات الله وسلامه (عليه المقسطون على منابر اللؤلؤ يوم القيامة) .

حكاية: كان الاسكندر يوماً على تخت مملكته وقد وقع الحجاب فقدم بين يديه لص فأمر فقال أيها الملك سرقت ولم يكن لي شهوة السرقة ولم يطلبها قلبي فقال له الاسكندر لا جرم تصلب ولا يطلب قلبك الصلب ولا يريده، فواجب على السلطان أن يعدل وينظر غاية النظر فيما يأمر به من السياسة لينفذ ذلك في أصحابه مثل وزيره وحاجبه ونائبه وعامله لأن كثيراً

<<  <   >  >>