الى وكيله ببغداد أنه قد وصل الينا رجل معه كتاب يذكر أنه من يحيى بن خالد وأن سيء الظن في هذا الكتاب فيجب أن تتحقق الحال في هذا الكتاب لتعلم صحته من سقمه وعرفني الجواب فلما وصل كتاب عبد الله الى وكيله ركب ومضى الى باب دار يحيى بن خالد فوجده مع ندمائه وخواصه جالساً فسلم الكتاب إليه فقرأه يحيى بن خالد ثم قال للوكيل عد الينا من الغد لأكتب لك الجواب ثم التفت الى ندمائه وقال لهم ما جزاء من حمل عني كتاباً مزوراً الى عدوي فقال كل واحد منهم شيئاً يصف نوعاً من العذاب، ويذكر جنساً من العقاب، فقال يحيى كلكم أخطأتم وهذا الذي ذكرتم من خسة الأصل ودنائته وكلكم تعرفون قرب عبد الله من أمير المؤمنين وتعرفون ما بيني وبينه من البغض والآن قد سبب الله هذا الرجل وجعله متوسطاً في الصلح بيننا ووفقه لذلك وقيضه ليمحو حقد عشرين سنة من قلوبنا، وتنصلح بواسطته شؤوننا وقد وجب علي أن أفي لهذا الرجل بتأميله وأصدق ظنونه واكتب له كتاباً إلى عبد الله ليتوفر على اكرامه، واعزازه واحترامه وسمو همته. ثم إنه طلب الكاغد والدواة وكتب إلى عبد الله بخط يده. بسم الله الرحمن الرحيم وصل كتابك أطال الله بقائك وقرأته وفهمته وسررت بسلامتك، وابتهجت باستقامتك، وكان ظنك أن ذلك الحر زور عني كتاباً، ولفق عني خطاباً، وليس كذلك فإن الكتاب أنا الذي كتبته وعلى يديه أنفذته، وليس بمزور عني، وتوقعي من كرمك، وحسن شيمك أن تفي لذلك الحر الكريم بأمله، وتعرف له حرمة قصده، وان تخصه منك بغامر الإحسان، ووافر الامتنان، فمهما فعلته في حقه فأنا المعتد به والشاكر عليه. ثم عنون الكتاب وختمه وسلمه الى الوكيل فأنفذه الوكيل الى عبد الله فحين قرأه ابتهج بما حواه وأحضر الرجل وقال
أي الأمرين اللذين ذكرتهما تختار أن أفعل معك فقال الرجل العطاء أحب الي فامر له بمائتي ألف درهم وعشرة أفراس عربية منها خمسة بالمراكب المحلاة وخمسة بالحلال وعشرين تختاً من الثياب وعشرة مماليك ركاب الخيول وما يليق بذلك من الجواهر المثمنة