للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة
<<  <  ص:  >  >>
رقم الحديث:

أفضل تَوْجِيه رَآهُ - بقوله:

((.. وَإِذا كنت أوافقه فِي أصل الفكرة، فَإِنِّي أخالفه فِي تفصيلاتها، فَالْمَعْنى - على مَا أرى -: ينبأ الْإِنْسَان يَوْمئِذٍ بِمَا قدم وَأخر، وَذَلِكَ - كَمَا أخبر الْقُرْآن - فِي كتابٍ مسطور، وَفِي تِلْكَ الْآيَات يصف الْقُرْآن موقف الْمَرْء من هَذَا الْكتاب، فَهُوَ يتلوه فِي عجلٍ كي يعرف نتيجته، فَيُقَال لَهُ: لَا تُحرِّك بِالْقِرَاءَةِ لسَانك لتتعجل النتيجة، إِن علينا أَن نجمع مَا فِيهِ من أَعمال فِي قَلْبك، وَأَن نجعلك تقرؤه فِي تدبُّرٍ وإمعان، فَإِذا قرأته، فاتجه الاتجاه الَّذِي يهديك، وَإِن علينا بَيَان هَذَا الاتجاه وإرشادك إِلَيْهِ.. إِمَّا إِلَى الْجنَّة، وَإِمَّا إِلَى السعير، وَبِذَلِك يَتَّضِح ألَاّ خُرُوج فِي الْآيَات على نظم السُّورَة وهدفها)) (١) .

والحقُّ أَن هَذَا أوغلُ فِي التكلُّف من كَلَام القفَّال.

وعَلى كلٍّ، فكلاهما لَا ينسجم وسياقَ السُّورَة، وَلَا يتَّفق ومعانيَ الْآيَات الظَّاهِرَة ذَاتهَا.. فَوق أَنه مخالفٌ للصحيح الْمَأْثُور الَّذِي عَلَيْهِ الْجُمْهُور، من أَن ذَلِك الْخطاب إِنَّمَا هُوَ للنبيِّ صلى الله عَلَيْهِ وَسلم.

(٣) أَبُو حَيَّان الأندلسي (ت ٧٥٤هـ) : قَالَ رَحمَه الله: ((.. وَيظْهر أَن الْمُنَاسبَة بَين هَذِه الْآيَة وَمَا قبلهَا أَنه تَعَالَى لما ذكر مُنكر الْقِيَامَة والبعث، معرضًا عَن آيَات الله تَعَالَى ومعجزاته، وَأَنه قاصرٌ شهواته على الْفُجُور، غير مكترثٍ بِمَا يصدر مِنْهُ ذكر حَال من يثابر على تعلم آيَات الله وحفظها وتلقفها وَالنَّظَر فِيهَا، وعرضها على من ينكرها رَجَاء قبُوله إِيَّاهَا، فَظهر بذلك تبَاين من يرغب فِي تَحْصِيل آيَات الله وَمن يرغب عَنْهَا، وبضدها تتَمَيَّز الْأَشْيَاء)) (٢) .


(١) من بلاغة الْقُرْآن، د. أَحْمد أَحْمد البدوي، مكتبة نهضة مصر، ط ٣/١٩٥٠م، ص ٢٣٧.
(٢) الْبَحْر الْمُحِيط، أَبُو حَيَّان الأندلسي، تَصْوِير دَار الْفِكر - بيروت، ٨/٣٨٨.

<<  <   >  >>