وَهَذَا قريبٌ من الْوَجْه الْخَامِس من وُجُوه الْفَخر الرَّازِيّ، وَهُوَ مقبولٌ إِلَى حدٍّ مَا، غير أَن فِيهِ أَنه يحسن بعد تَمام مَا يتَعَلَّق بذلك الْمُنكر، وَالظَّاهِر أَن {لَا تُحرِّك} وَقع فِي الْأَثْنَاء - كَمَا قَالَ الألوسي - فَلَا تزَال الْمُنَاسبَة غير ظَاهِرَة.
(٤) برهَان الدّين البقاعي (ت٨٨٥هـ) : وسوف نتجاوزه قَلِيلا حَتَّى ننتهي من عرض بَقِيَّة الْأَقْوَال، حَيْثُ إِنَّه من أحسن مَنْ تكلم عَن وَجه مناسبةٍ مَقْبُول، وسنرجع إِلَيْهِ ثَانِيَة بِإِذن الله.
(٥) إِسْمَاعِيل حَقي البروسوي (ت ١٣٧هـ) : قَالَ رَحمَه الله: ((.. لَاحَ لي فِي سرِّ الْمُنَاسبَة وجهٌ لطيف، وَهُوَ أَن الله تَعَالَى بيَّن قبل قَوْله: {لَا تُحَرِّكْ بِهِ لِسَانَكَ} جمع الْعِظَام ومتفرقات العناصر، الَّتِي هِيَ أَرْكَان ظَاهر الْوُجُود، ثمَّ انْتقل إِلَى جمع الْقُرْآن وأجزائه، الَّتِي هِيَ أساس خلق الْوُجُود، فَقَالَ بعد قَوْله: {أَيَحْسَبُ الْأِنْسَانُ أَلَّنْ نَجْمَعَ عِظَامَهُ} : {إِنَّ عَلَيْنَا جَمْعَهُ وَقُرْآنَهُ} فَاجْتمع الْجمع بِالْجمعِ، وَالْحَمْد لله رب الْعَالمين)) (١) .
وَهُوَ وَجه لطيف حَقًا.. بَيْدَ أَنه يُشم وَلَا يُفْرك!
(٦) شهَاب الدّين الألوسي (ت ١٢٧٠هـ) : نقل الألوسي أَكثر من وجهٍ للمناسبة، غير أنني أقتصر على اثْنَيْنِ مِنْهَا، حَتَّى لَا أكرر مَا سبق.
أما الأول فَهُوَ أَن قَوْله - عز وَجل -: {لَا تُحَرِّكْ} متوسطٌ بَين حبِّ العاجلة: حبِّها الَّذِي تضمنه: {بَلْ يُرِيدُ..} تَلْوِيحًا، وحبّها الَّذِي آذن بِهِ: {بَلْ تُحِبُّونَ..} تَصْرِيحًا، لحسن التَّخَلُّص مِنْهُ إِلَى المفاجأة وَالتَّصْرِيح، فَفِي ذَلِك تدرجٌ ومبالغةٌ فِي التقريع. والتدرج وَإِن كَانَ يحصل لَو لم يُؤْت بقوله - سُبْحَانَهُ
(١) روح الْبَيَان، إِسْمَاعِيل حَقي البروسوى، تَصْوِير دَار إحيار التراث الْعَرَبِيّ - بيروت ١٠/٢٤٩.
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute