للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة
<<  <  ص:  >  >>
رقم الحديث:

وَقد كفانا الألوسيُّ نَفسه مؤونة نقض هَذَا الْوَجْه - لبعده الشَّديد عَن الظَّاهِر، وَعَن سَبَب النّزول الَّذِي هُوَ مَحل اتِّفَاق الْجُمْهُور كَمَا سبق - بقوله: ((.. وَفِيه مَا فِيهِ، وَمَا كنت أذكرهُ لَوْلَا هَذَا التَّنْبِيه)) (١) .

(٧) الشَّيْخ عبد الحميد الفراهي (ت ١٣٤٩هـ) : لَيْسَ بَين أَيْدِينَا - مَعَ الأسف الشَّديد - تَفْسِير الفراهي الَّذِي سَمَّاهُ (نظام الْقُرْآن وَتَأْويل الْفرْقَان بالفرقان) ، وَالَّذِي ذُكر أَنه طبق فِيهِ تنظيره فِي مجَال التناسب، وَالَّذِي أطلق عَلَيْهِ (النظام) - كَمَا أشرتُ من قبل -.. وَلذَا، فإنني أنقل عَن رِسَالَة الدكتوراه المُعدَّة عَنهُ مَا يتَعَلَّق بِهَذَا الْمقَام، فقد ذكر الباحث سيد سعيد أحسن العابدي أَن الفراهي تكلم عَن أَن الْمُفَسّرين لمَّا خَفِي عَلَيْهِم رِبَاط الْكَلَام فِي هَذِه السُّورَة، جعلُوا هَذِه الْآيَات الْأَرْبَع كلَاما مستأنفاً، غير مربوط بمضمون السُّورَة، وظنوا أَن النَّبِي اعتراه الْعجل، فَكَلمهُ جِبْرِيل ناهياً عَنهُ.. ثمَّ قَالَ الفراهي: ((نعم.. إِن نزُول الْقُرْآن كنُزول الْغَيْث، ينْتَظر انبعاثاً لكَي يُطَابق بِالْحَال، وَقد وَقع عِنْد إِلْقَاء الْكَلَام أَن النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم كَانَ عَاجلا لتلقي الْوَحْي، حرصاً عَلَيْهِ لشدَّة حرصه على إنذار قومه، فَاعْلَم أَن النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم بعد مَا أوحى إِلَيْهِ، كَانَ يحْسب أَن حملا باهظاً قد أُلقي عَلَيْهِ، فَإِن نسي مِنْهُ شَيْئا كَانَ مسؤولاً عَنهُ، وَمَعَ ذَلِك كَانَ يشتاق إِلَى زِيَادَة الْوَحْي، لَعَلَّ قومه يَنْتَفِعُونَ بِهِ، فَجَاءَت التسلية حسب هذَيْن الْأَمريْنِ، مَعَ رِعَايَة وَجه الْكَلَام فِي هَذِه السُّورَة، فَكَأَنَّهُ قيل لَهُ: لِم تجتهد هَكَذَا فِي تلقي الْوَحْي؟ ! أما حفظه أَو جمعه فعلينا، وَأما هِدَايَة قَوْمك، فهم منهمكون فِي محبَّة العاجلة، فكثير القَوْل وقليله سواءٌ عَلَيْهِم)) (٢) .


(١) السَّابِق، ٢٩ / ١٤٤
(٢) ذكر الدكتور العابدي فِي رسَالَته تِلْكَ (ص ١٤٨، ١٤٩) أَن هَذَا الْكَلَام من تَفْسِير الفراهي، ص ١١: ١٤ بِتَصَرُّف.

<<  <   >  >>