للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة
<<  <  ص:  >  >>
رقم الحديث:

والحقُّ أَن وَجه الْمُنَاسبَة لم يَتَّضِح - كَمَا يَنْبَغِي - من خلال هَذَا الْكَلَام؛ إِذْ يرِدُ عَلَيْهِ مَا أوردناه من قبل على تَوْجِيه الزَّمَخْشَرِيّ، من كَونه يحلُّ الْمُنَاسبَة بِالنّظرِ إِلَى الْآيَات اللاحقة فَقَط، دون النّظر إِلَى الْآيَات السَّابِقَة، ولعلنا إِن رَجعْنَا إِلَى أصل كَلَام الفراهي تكون الصُّورَة أَكثر وضوحاً.. وَالله أعلم.

(٨) الْأُسْتَاذ سيد قطب (ت ١٣٨٦هـ) : وسوف أتجاوزه أَيْضا قَلِيلا.. حَيْثُ إِنَّنِي سأختار تَوْجِيهه فِي بَيَان التناسب.

(٩) الشَّيْخ مُحَمَّد الطَّاهِر بن عاشور (ت ١٣٩٧هـ) : فالشيخ - رَحْمَة الله عَلَيْهِ - على دقة فهمه، وَبعد غوره، فِي التَّنْبِيه إِلَى لطائف الْكتاب الْعَزِيز، والاستدراك على هَنَات السَّابِقين، والإسهام الرائع فِي الإضافات المبتكرة، لم يُنبه أَو يُعلق على بَيَان وَجه مناسبةٍ يحلُّ من إِشْكَال هَذِه الْآيَات، وَاكْتفى بِأَن قرَّر أَنَّهَا مدمجةٌ فِي السُّورَة؛ لِأَنَّهَا نزلت فِي أثْنَاء نُزُولهَا (١) .. ثمَّ قَالَ:

((هَذِه الْآيَة وَقعت هُنَا معترضةٌ، وَسبب نُزُولهَا مَا رَوَاهُ البُخَارِيّ وَمُسلم عَن ابْن عَبَّاس أَنه قَالَ: كَانَ رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم إِذا نزل عَلَيْهِ الْقُرْآن يحرِّك بِهِ لِسَانه، يُرِيد أَن يحفظه، مخافةَ أَن يتفلَّت مِنْهُ، أَو من شدَّة رغبته فِي حفظه، فَكَانَ يلاقي من ذَلِك شدَّة، فَأنْزل الله تَعَالَى: {لَا تُحَرِّكْ بِهِ لِسَانَكَ} ، قَالَ: جمعَه فِي صدرك، ثمَّ تَقْرَأهُ {فَإِذَا قَرَأْنَاهُ فَاتَّبِعْ قُرْآنَهُ} ، قَالَ: فاستمع لَهُ وأنصت {ثُمَّ إِنَّ عَلَيْنَا بَيَانَهُ} أَن نبينه بلسانك، أَي: أَن تَقْرَأهُ. أ? (٢) . فَلَمَّا نزل هَذَا الْوَحْي فِي أثْنَاء نزُول السُّورَة للغرض الَّذِي نزل فِيهِ، وَلم تكن سُورَة مُسْتَقلَّة، كَانَ مُلْحقًا بالسورة، وواقعاً بَين


(١) التَّحْرِير والتنوير، ٢٩/٣٣٧
(٢) صَحِيح البخارى (٦/٧٦) ، صَحِيح مُسلم (١/٣٣٠) .

<<  <   >  >>