الْوُجُود بكلماته، وَتثبت فِي سجل الْكَوْن الثَّابِت، وَفِي صلب هَذَا الْكتاب الْكَرِيم)) .
ثمَّ يَقُول - قبيل تَفْصِيله القَوْل فِي الْآيَات بمفردها -:
((.. وَقد عرضنَا نَحن لحقائق السُّورَة ومشاهدها فُرَادَى لمُجَرّد الْبَيَان، وَهِي فِي نسق السُّورَة شيءٌ آخرٌ؛ إِذْ إِن تتابعها فِي السِّيَاق، والمزاوجة بَينهَا هُنَا وَهُنَاكَ، ولمسة الْقلب بِجَانِب من الْحَقِيقَة مرّة، ثمَّ العودة إِلَيْهِ بالجانب الآخر بعد فَتْرَة، كل ذَلِك من خَصَائِص الأسلوب القرآني فِي مُخَاطبَة الْقلب البشري، مِمَّا لَا يبلغ إِلَيْهِ أسلوب آخر، وَلَا طَريقَة أُخْرَى)) (١) .
وَهَكَذَا.. بعد هَذَا التطواف - الَّذِي طَال قَلِيلا - مَعَ هَذِه الْآيَات الْكَرِيمَة من سُورَة الْقِيَامَة، نتبين أَن ثمَّة رابطةً قَوِيَّة تشدُّها إِلَى محور السُّورَة، وَأَن التناسب وَاضح - عِنْد إمعان النّظر، وتعميق التَّأَمُّل - بَين آياتها كلهَا، وَبَينهَا وَبَين سابقتها ولاحقتها.
ويهمُّني فِي نِهَايَة هَذَا الْعرض لأقوال الْمُفَسّرين المتعددة - وَبعد أَن رجحتُ تَوْجِيه البقاعي، ثمَّ فضلتُ عَلَيْهِ تَوْجِيه سيد قطب - أَن أُشير إِلَى مسألةٍ مهمة فِي هَذَا السِّيَاق.. وَهِي أَنه مهما اخْتلفت الآراء أَو تنوعت، حول توضيح نوع الارتباط بَين هَذِه الْآيَات المشكلة - أَو مَا يشابهها من حَيْثُ عدم ظُهُور الْمُنَاسبَة فِي بادىء النّظر -.. إِلَّا أنني ألحظ - عِنْد بذل شيءٍ من الوسع وتدقيق النّظر - توافقاً على وجهٍ مَا، وترابطاً على نحوٍ أَو آخر، وَقد يظنُّ صَاحب النظرة العجلى أَن هُنَاكَ تباعداً بَين مَوْضُوعَات الْآيَات والأحداث الَّتِي تُشِير إِلَيْهَا أَو تتناولها، إِلَّا أَن تدبُّر الْآيَات مرّة بعد مرّة، ومحاولة دراسة ظروف النَّص، وسَبْرِ أغوار
(١) فِي ظلال الْقُرْآن، ٦/٣٧٦٧
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute