للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة
<<  <  ص:  >  >>
رقم الحديث:

الْمُؤمن العابد مَعَ الْكَوْن كُله فِي أنشودة حمد الله وتعظيمه: {وَاذْكُرْ رَبَّكَ فِي نَفْسِكَ تَضَرُّعاً وَخِيفَةً وَدُونَ الْجَهْرِ مِنَ الْقَوْلِ بِالْغُدُوِّ وَالْآصَالِ وَلا تَكُنْ مِنَ الْغَافِلِينَ} (الْآيَة ٢٠٦) (١) ..

أَرَأَيْت، إِذن، إِلَى هَذِه الْمُنَاسبَة التَّامَّة، والرابطة الْوَثِيقَة، والوشيجة المتينة، بَين فَاتِحَة السُّورَة وخاتمتها - وَمَا بَينهمَا؟ {

أَلا تبدو لَك السُّورَة - على طولهَا - وَكَأَنَّهَا - بِالْفِعْلِ - وحدة وَاحِدَة؟}

فعزَّ من هَذَا كَلَامه، وَسُبْحَان مَنْ هَذَا بيانُه {

(٥) مُنَاسبَة اسْم السُّورَة لمقاصدها وعمودها: وَهَذَا أَمر دَقِيق جدا؛ إِذْ إِنَّه يجمع (عَصَب) السُّورَة كلَّه فِي اسْمهَا، فَكَأَن هَذَا الِاسْم (شفرة) لبنيانها كلِّه} .. فلنحاول.. وَالله الْمُوفق!

لم يخْتَلف المفسِّرون فِي تَسْمِيَة هَذِه السُّورَة بـ (الْأَعْرَاف) ، وَلم يذكرُوا لَهَا اسْما آخر - كَمَا هُوَ حَال كثير من السُّور الْأُخْرَى -..

وَقد جَاءَ ذكر (الْأَعْرَاف) فِي قَوْله - تَعَالَى - فِي سِيَاق الحَدِيث عَن أهل الْجنَّة وَأهل النَّار، بعد اسْتِقْرَار كلٍّ فِي محلِّه: {وَبَيْنَهُمَا حِجَابٌ وَعَلَى الْأَعْرَافِ رِجَالٌ يَعْرِفُونَ كُلّاً بِسِيمَاهُمْ} (الْآيَة ٤٦) ، ثمَّ: {وَنَادَى أَصْحَابُ الْأَعْرَافِ رِجَالاً يَعْرِفُونَهُمْ بِسِيمَاهُمْ} (الْآيَة ٤٨)

وثمة أَقْوَال كَثِيرَة متضاربة فِي تَحْدِيد المُرَاد من الْأَعْرَاف، ثمَّ تَحْدِيد أَهله (٢) .


(١) أصل هَذَا الْوَجْه من الرَّبْط بَين الخاتمة والبداية مُسْتَفَاد من الشَّيْخ مُحَمَّد الْغَزالِيّ - رَحمَه الله - فِي: نَحْو تَفْسِير موضوعي ...، ص ١٢٥.
(٢) الْعرف: مَا ارْتَفع من الشَّيْء، أَي أَنه أَعلَى مَوضِع فِيهِ؛ لِأَنَّهُ أشرف وَأعرف مِمَّا انخفض مِنْهُ. وَهُوَ مستعار من عرف الديك وَالدَّابَّة. وَانْظُر فِي تَفْصِيل الْأَقْوَال فِيهِ: روح الْمعَانِي، ٨/١٢٣، ١٢٤. وَقد سبق أَن تعرضنا لتفصيل القَوْل فِي ذَلِك فِي كتابتي (الصراع بَين الْحق وَالْبَاطِل كَمَا جَاءَ فِي سُورَة الْأَعْرَاف) ، مطبوعات مكتبة الْملك عبد الْعَزِيز الْعَامَّة بالرياض، ط١/ ١٤١٦هـ، ص ٢٨: ٣٠

<<  <   >  >>