للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة
<<  <  ص:  >  >>
رقم الحديث:

الطُّمَأْنِينَة، وراغ عَن الثَّبَات والسكينة - بعد الْكَشْف الشافي، والإنعام الوافي - نُوقِشَ الْحساب، فَأَخذه الْعَذَاب (١) ..

وتتخذ السُّورَة الْكَرِيمَة إِلَى ذَلِك طَرِيق بِنَاء التَّصَوُّر الاعتقادي الصَّحِيح، وَبَيَان الانحرافات الَّتِي تتلبَّس بِهِ عِنْد أهل الْكتاب وَأهل الْجَاهِلِيَّة جَمِيعًا، وَبَيَان معنى (الدّين) ، وَأَنه الِاعْتِقَاد الصَّحِيح مرتبطاً بالتلقي عَن الله وَحده فِي التَّحْرِيم والتحليل، وَالْحكم وَالْقَضَاء.. ثمَّ أخيراً: توضيح شَأْن هَذِه الْأمة الْمسلمَة، وَبَيَان دورها الْحَقِيقِيّ فِي هَذِه الأَرْض، وكشف أعدائها المتربصين بهَا (٢) ..

وَهَذَا كلُّه يَقْتَضِي من أهل هَذِه الرسَالَة الخاتمة - الَّتِي رَضِي الله لَهُم الْإِسْلَام دينا، وأكمل لَهُم دينهم، وأتمَّ عَلَيْهِم نعْمَته - الْوَفَاء بِعَهْد الله وميثاقه الَّذِي واثقهم بِهِ: ليقومُنَّ بَين النَّاس بِالْعَدْلِ، وليشهدُنَّ عَلَيْهِم بِالْقِسْطِ، وليقيُمُنَّ فيهم حكم الله كَمَا أَرَادَ.. وَيُشِير إِلَى ذَلِك أوضح إِشَارَة تَسْمِيَتهَا بِسُورَة (الْعُقُود) .

ومقصود سُورَة الْأَنْعَام هُوَ الِاسْتِدْلَال على مَا دَعَا إِلَيْهِ الْكتاب الْكَرِيم فِيمَا سبق من سور؛ بِأَنَّهُ - سُبْحَانَهُ - الْمُسْتَحق لجَمِيع الكمالات، والمتصرف بِالْقُدْرَةِ الباهرة على الإيجاد والإعدام (٣) .. فعمود السُّورَة هُوَ مَوْضُوع العقيدة.. بِكُل مكوِّناتها ومقوِّماتها (٤) .. وأنسب الْأَشْيَاء الْمَذْكُورَة فِيهَا لهَذَا الْمَقْصد هُوَ الْأَنْعَام - وَهُوَ مايربطها بالمائدة أعظم ربط؛ إِذْ ذكر فِيهَا السوائبُ وَغَيرهَا مِمَّا كَانَ يدين بِهِ أهل الْجَاهِلِيَّة (٥) -؛ لِأَن الْإِذْن فِيهَا مسبب عَمَّا ثَبت لَهُ - سُبْحَانَهُ -


(١) انْظُر: مصاعد النّظر، ٢/١٠٦
(٢) انْظُر: فِي ظلال الْقُرْآن، ٢/٨٢٩
(٣) مصاعد النّظر، ٢/١١٨
(٤) رَاجع: فِي ظلال الْقُرْآن، تَقْدِيم سُورَة الْأَنْعَام كُله.
(٥) انْظُر: نظم الدُّرَر، ٧/٢٤٠، ٢٤١

<<  <   >  >>