للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة
<<  <  ص:  >  >>
رقم الحديث:

من الفَلْق، والتفرد بالخلق، لِأَنَّهُ المتوحد بالألوهية، والمتصرِّف بِالنَّهْي وَالْأَمر.. سُبْحَانَهُ وَتَعَالَى (١) . وَهُوَ مَا يربطها، أَيْضا بالمائدة، الَّتِي ذكر فِيهَا أَمر حاكميته الله تَعَالَى وَحده، والتحذير من التغافل عَمَّا أنزل من الْأَحْكَام.

وَأما سُورَة الْأَعْرَاف، فقد سبق قَرِيبا أَنَّهَا تلتقي مَعَ (الْأَنْعَام) فِي الْغَرَض الرئيس الْعَام، وَهُوَ عرض العقيدة.. وَلَكِن تتَمَيَّز بشخصيتها المستقلة فِي الْأَدَاء وَالتَّعْبِير، والقضايا المتنوعة الَّتِي تصبُّ فِي ذَات الْغَرَض.

هَذِه هى الرُّؤْيَة الْعَامَّة الَّتِي توضح ارتباط السُّور الثَّلَاث، على رغم اخْتِلَاف هُويتها بَين المكية والمدنية، وَأَيْضًا على رغم تنوع مَوْضُوعَات كلٍّ مِنْهَا..

والآن.. لنَنْظُر فِي شَيْء من التفاصيل حول ذَلِك.. وَالَّتِي ذكرهَا الشَّيْخ الغُماري فِي كِتَابه (جَوَاهِر الْبَيَان) .. قَالَ - رَحمَه الله -:

((٥ - سُورَة الْمَائِدَة: قَالَ الصاوي فِي حَاشِيَته على تَفْسِير الجلالين: وَجه الْمُنَاسبَة بَينهَا وَبَين مَا قبلهَا أَنه حَيْثُ وعدنا الله بِالْبَيَانِ كراهةَ وقوعنا فِي الضلال (آخر آيَة من النِّسَاء) ، تمَّم ذَلِك الْوَعْد بِذكر هَذِه السُّورَة، فَإِن فِيهَا أحكاماً لم تكن فِي غَيرهَا. قَالَ الْبَغَوِيّ: عَن ميسرَة قَالَ: إِن الله تَعَالَى أنزل فِي هَذِه السُّورَة ثَمَانِيَة عشر حكما لم تنزل فِي غَيرهَا من الْقُرْآن.. (...)

٦ - سُورَة الْأَنْعَام: ختمت السُّورَة السَّابِقَة بقوله تَعَالَى: {لِلَّهِ مُلْكُ السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضِ وَمَا فِيهِنَّ وَهُوَ عَلَى كُلِّ شَيْءٍ قَدِيرٌ} ؛ فَنَاسَبَ أَن يُبيِّن سَبَب تِلْكَ الملكية ومنشأها، فَافْتتحَ هُنَا بجملة: {الْحَمْدُ لِلَّهِ الَّذِي خَلَقَ السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضَ وَجَعَلَ الظُّلُمَاتِ وَالنُّورََ} . فسبب ملكية الله للسماوات وَالْأَرْض أَنه خالقهما وَمَا فيهمَا،


(١) انْظُر: مصاعد النّظر، ٢/١١٨

<<  <   >  >>