للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة
<<  <  ص:  >  >>
رقم الحديث:

وَتلك ملكية حَقِيقِيَّة، لَا كملكية النَّاس لما يملكونه بشرَاء أَو هبة أَو تَوْرِيث، فَإِنَّهَا ملكية مجازية، والحقيقة فِيهَا لله تَعَالَى (...) وَفِي قَوْله - تَعَالَى - فِيهَا: {ثُمَّ الَّذِينَ كَفَرُوا بِرَبِّهِمْ يَعْدِلُونَ} إِشَارَة إِلَى أهل الْكتاب الَّذين ألَّهوا عِيسَى أَو عُزَيراً، وهم المذكورون فِي سُورَة الْمَائِدَة.

وَقَالَ بعض الْعلمَاء: افْتِتَاح الْأَنْعَام بِالْحَمْد مُنَاسِب لختم الْمَائِدَة بفصل الْقَضَاء، كَمَا قَالَ تَعَالَى: {وَقُضِيَ بَيْنَهُمْ بِالْحَقِّ وَقِيلَ الْحَمْدُ لِلَّهِ رَبِّ الْعَالَمِينَ} (الزمر/٧٥) . وَكَذَلِكَ؛ فَإِن الْمَائِدَة اشْتَمَلت على أَحْكَام لم تذكر فِي غَيرهَا، وَكَذَلِكَ الْأَنْعَام. (...)

٧ - سُورَة الْأَعْرَاف: نوَّه الله بِالْقُرْآنِ فِي أَوَاخِر السُّورَة السَّابِقَة بقوله تَعَالَى: {وَهَذَا كِتَابٌ أَنْزَلْنَاهُ مُبَارَكٌ فَاتَّبِعُوهُ وَاتَّقُوا لَعَلَّكُمْ تُرْحَمُونَ} :.. إِلَى أَن توعد المكذبين بِهِ والمعرضين عَنهُ: {فَمَنْ أَظْلَمُ مِمَّنْ كَذَّبَ بِآياتِ اللَّهِ وَصَدَفَ عَنْهَا ...} ?؛ فَافْتتحَ هَذِه السُّورَة بنهي نبيه أَن يكون فِي صَدره ضيقٌ مِنْهُ، بِسَبَب تَكْذِيب قومه بِهِ، وصُدوفهم عَنهُ: {كِتَابٌ أُنْزِلَ إِلَيْكَ فَلا يَكُنْ فِي صَدْرِكَ حَرَجٌ مِنْهُ} ...)) (١) .

.. وَبِهَذَا ظهر ارتباط السُّور الثَّلَاث، والتحام مَعَانِيهَا..

وَلَا ريب أَن إِعَادَة النّظر فِي الْقِرَاءَة المتأنية لَهَا - ولسائر سور الْقُرْآن الْمجِيد - تفتح على المتأمل أبواباً لَا حصر لَهَا وَلَا نِهَايَة من التناسب والترابط المُحكَم، الَّذِي يظْهر وَحْدة الْقُرْآن الْكَرِيم الْكُلية، بِاعْتِبَارِهِ الكلمةَ الإلهيةَ الأخيرةَ للثقلين، إِلَى قيام السَّاعَة، وَالْحَمْد لله رب الْعَالمين.


(١) انْظُر: جَوَاهِر الْبَيَان..، ص ٢٩: ٣ (بِتَصَرُّف واختصار) .

<<  <   >  >>