للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة
<<  <  ص:  >  >>
رقم الحديث:

- من أغراض الْكَلَام ومناحي الْعبارَات - على جملَة مَا حصل بِهِ من جِهَات الْخطاب، كالقصص والمواعظ، وَالْحكم والتعليم وَضرب الْأَمْثَال.. إِلَى نَحْوهَا مِمَّا يَدُور عَلَيْهِ. وَلَوْلَا تِلْكَ الرّوح، لخرج أَجزَاء مُتَفَاوِتَة، على مِقْدَار مَا بَين هَذِه الْمعَانِي ومواقعها فِي النُّفُوس، وعَلى مِقْدَار مابين الْأَلْفَاظ والأساليب الَّتِي تؤديها حَقِيقَة ومجازاً ...)) (١) .

وَفِي تَلْخِيص دالٍّ يَقُول - رَحْمَة الله عَلَيْهِ -:

((وَبِالْجُمْلَةِ.. فَإِن هَذَا الإعجاز فِي مَعَاني الْقُرْآن وارتباطها أَمر لَا ريب فِيهِ، وَهُوَ أبلغ فِي مَعْنَاهُ الإلهي إِذا انْتَبَهت إِلَى أَن السُّور لم تنزل على هَذَا التَّرْتِيب، فَكَانَ من الأحرى ألَاّ تلتئم، وألَاّ يُنَاسب بَعْضهَا بَعْضًا، وَأَن تذْهب آياتها فِي الْخلاف كلَّ مَذْهَب.. وَلكنه روح من أَمر الله.. تفرق معجزاً، فَلَمَّا اجْتمع، اجْتمع لَهُ إعجاز آخر ليتذكر بِهِ أولو الْأَلْبَاب)) (٢) .

وعَلى رغم جمال هَذَا اللَّوْن من التناسب، وأهميته فِي إبراز وَجه من وُجُوه إعجاز الْقُرْآن الباهرة، فقد اعْترض عَلَيْهِ بعض الْعلمَاء المعاصرين، خوفًا مِمَّا شَاب الْكَلَام فِيهِ من تكلّف ممجوج..

ولعلَّ أوفى مَنْ عبّر عَن هَذَا الرَّأْي الْمعَارض هُوَ الشَّيْخ الدكتور صبحي الصَّالح - رَحمَه الله -.. وحرصاً على عرض رَأْيه وَاضحا، فسننقله كَامِلا كَمَا ذكره.. حَيْثُ قَالَ بعد أَن تكلم عَن أبي بكر النَّيْسَابُورِي وَسَبقه إِلَى إِظْهَار علم الْمُنَاسبَة فِي مجالسه ودروسه:

((.. وَفِي صَنِيع أبي بكر النَّيْسَابُورِي هَذَا اتجاه جَدِيد إِلَى الْكَشْف عَن


(١) السَّابِق، ص ٢٤١، ٢٤٥
(٢) السَّابِق، حَاشِيَة ص ٢٤٤

<<  <   >  >>