لأن هذه الأشياء تستلزم الحاجة، أو تستلزم المثلية، تستلزم أنه بحاجة إلى الولد كالإنسان الذي بحاجة إلى ولده يسانده ويساعده ويقوم مقامه، ويعينه عند عجزه، ويخلفه بعد موته.
والرب تعالى ليس كذلك، وليس بحاجة إلى الولد ولا إلى الزوجة، ولا إلى شريك، فهو له الكمال المطلق، إذاً فنفي الصاحبة يستلزم عدم الحاجة ويثبت الغني، وكذلك نفي الولد يلزم منه إثبات الكمال، وكذلك نفي الشريك، ونفي الند، ونفي المثيل، وما أشبه ذلك.
وردّ أيضاً على من أثبت ذلك من المشركين ونحوهم كقوله تعالى:(وقالت اليهود عزير ابن الله وقالت النصارى المسيح ابن الله)(التوبة:٣٠) ، وقوله تعالى:(وجعلوا الملائكة الذين هم عباد الرحمن إناثاً أشهدوا خلقهم)(الزخرف:١٩) . وقوله تعالى:(فاستفتهم ألربك البنات ولهم البنون * أم خلقنا الملائكة إناثاً وهم شاهدون * ألا إنهم من إفكهم ليقولون * ولد الله وإنهم لكاذبون * اصطفى البنات على البنين * ما لكم كيف تحكمون* (الصافات:١٤٩-١٥٤) ، وكقوله تعالى:(وجعلوا بينه وبين الجنة نسباً)(الصافات:١٥٨) .
زعم بعض جهلة العرب: أن الملائكة بنات الله، وأن بينه وبين الجنة نسباً، تعالى الله عن قولهم ذلك كله؛ فردّ عليهم، وأثبت وحدانيته، فبذلك نعرف أن كل نفي فإنه يستدعي ثبوتاً، وإلا فالنفي المحض ليس بمدح.
رد شيخ الإسلام رحمه الله في رسالته (التدمرية) في قاعدة من القواعد على من يصف الله تعالى بالصفات السلبية التي هي عدم محض، وكذلك في كثير من كتبه، وأخبر في (الحموية) أن الله بعث رسله بنفي مجمل، وإثبات مفصل، وأن الإثبات يقصد بذاته والصفات الثبوتية مقصودة لذاتها.