فإذا كان هذا الوالي والياً على المسلمين، وهو مستقيم السيرة والسريرة فيما يظهر، وهو يقصد الحق، فإننا نسمع له ونطيع، ولا يجوز أن نفارقه أو نخرج عليه لما في الخروج عليه من المفاسد.
وإنّ ما حصل في القرون الأولى من المفاسد إنما كان بسبب الذين خرجوا على الأئمة، ففي القرن الأول الذي هو أفضل القرون لما أمّر بنو أمية بعض الأمراء الذين في ولايتهم شيء من الظلم والشدة -ثار عليهم كثير من الأمراء والقواد- كما في فتنة ابن الأشعث، وفتنة ابن المهلب، وفتنة الباهلي ونحوهم، وحصل فيها قتل وقتال وتشريد وظلم وأضرار أضرت بالمسلمين، فالواجب أن نصبر على ما نراه من الضرر ونتحمل ذلك حتى لا تكون فتنة، وحتى ندفع الشر بما هو أسهل منه فيأمن الناس ويحصل لهم الخير والطمأنينة.
مسألة: المبتدعة وموقف أهل السنة والجماعة منهم
وقوله:
ومن السنة: هجران أهل البدع، ومباينتهم، وترك الجدال والخصومات في الدين، وترك النظر في كتب المبتدعة والإصغاء إلى كلامهم. وكل محدثة في الدين بدعة، وكل متسم بغير الإسلام والسنة مبتدع كالرافضة، والجهمية، والخوارج، والقدرية، والمرجئة، والمعتزلة والكرامية، والكلابية ونظائرهم، فهذه فرق الضلال وطوائف البدع، أعاذنا الله منها.
شرح:
شرع الموفق رحمه الله في هذه الفقرة يتحدث عن البدع، وهي تارة تكون في العقائد وتارة تكون في الأعمال، ولا شك أن البدع التي في العقائد أشد خطراً من البدع التي في الأعمال، وذلك لأن البدع التي في الأعمال قد يقال: إنها محرمة ولكنها ليست مُكفِّرة؛ لأنها مجال للاجتهاد. ومع ذلك فإنها منكرة لعموم قول النبي صلى الله عليه وسلم:(وكل محدثة بدعة وكل بدعة ضلالة) ، ولعموم قوله صلى الله عليه وسلم:(من أحدث في أمرنا هذا ما ليس منه فهو رد) .