للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

مسار الصفحة الحالية:

أولاً: تفسير معنى دعاء العبادة ودعاء المسألة:

قال الكتاب في الصفحة الثالثة في السطر السابع:

[ (النداء) لغة معناه الدعاء، وهو لا يتقيد بالعبادة إلا إذا كان لله عز وجل، أما النداء لغير الله فيرجع إلى عقيدة الداعي، إن كان يعتقد فيمن يناديه أنه يضر وينفع ويعطي ويمنع من غير إذن الله فقد أشرك..الخ] .

والجواب:

لقد خبّط هذا الكاتب، وخلط، وأخطأ في الكثير مما قاله أو تعمده، فأنبِّه على أهم أخطائه فيما يأتي:

أولاً: ذكر أن الدعاء لا يتقيد بالعبادة إلا إذا كان لله عز وجل، أما النداء لغير الله فيرجع إلى عقيدة الداعي.. الخ.

وهذا قول باطل بعيد عن الصواب، صدر عن جهل بحقيقة الدعاء وبحقيقة العبادة، وبالأدلة الواردة على ذلك، وأنا أشير إلى شيء من ذلك:

فأقول: أما الدعاء: فهو لغة: النداء، ويطلق شرعاً على: دعاء العبادة ودعاء المسألة، وهما متلازمان:

* فدعاء العبادة هو: فعل كل الطاعات، وأداء جميع القربات امتثالاً لأمر الله، وتقرباً إليه، وهو متضمن دعاء المسألة، فإن المصلي داع بلسان الحال، فكأنه يقول: إنما أصلي طلباً لرضى الله، وجزيل ثوابه، وهكذا في جميع الأعمال الصالحة لسان حال من يفعلها يقول: أريد من فعلها مغفرة الله وجنته، فهو سائل في نفس الأمر.

* أما دعاء المسألة فهو: السؤال والطلب، كسؤال الجنة والتعوذ من سخط الله، ومن النار ونحو ذلك، وهو ولابد مستلزم لدعاء العبادة، فإن حقيقة العبادة الذل والخضوع، والتواضع والإذعان، فالذي يدعو ربه يسأله حال تذلل وخشوع وإنابة وإخبات، فالسؤال: دعاء، والذل: عبادة، وهكذا المصلى، والصائم، والمتصدق، والذاكر، والقارئ، والطائف، والعاكف، والراكع، والساجد. فإن كلاً من هؤلاء حال فعله يكون راغباً في فضل الله طالباً لمنه وعطائه، ويكون مع ذلك متذللاً ومذعناً، منقاداً لأمر الله، خاضعاً مخبتاً له، وذلك هو حقيقة العبادة.