ومتى كان كذلك ورأينا من يسأل ربه من فضله ويمد إليه يد الافتقار ويلهج بالدعاء مستمطراً من فضل ربه، فإنّا نسميه داعياً سائلاً لله، فإذا كان مع ذلك قد أهطع وأقنع وخشع وتذلل، وتواضع حال سؤاله، فهو لذلك عابد لربه ظاهراً، نحكم بذلك حسب ما رأينا، وقد قال النبي صلى الله عليه وسلم:"الدعاء هو العبادة". ثم قرأ قوله تعالى:((وقال ربكم ادعوني أستجب لكم إن الذين يستكبرون عن عبادتي.. الآية)) (غافر:٦٠) . ووجه الدلالة من الآية أنه تعالى أمر بدعائه، وذم المستكبرين عن عبادته، والقرينة تدل على أن المراد يستكبرون عن دعائي وقال تعالى:((قل إني نهيت أن أعبد الذين تدعون)) (غافر:٦٦) . فجعل دعاءهم عبادة، وقال عن الخليل عليه السلام:((وأعتزلكم وما تدعون من دون الله)) (مريم:٤٨) . ثم قال:((فلما اعتزلهم وما يعبدون من دون الله)) (مريم:٤٩) . فعبر بالعبادة عن الدعاء.
وبعد أن عرفت حقيقة الدعاء وحقيقة العبادة وتلازمهما فإن الأدلة واضحة على أن الدعاء حق الله، لا يُصرف منه شيء لغير الله، قال تعالى:((فلا تدعوا مع الله أحداً)) (الجن:١٨) . وقال ((ولا تدع من دون الله ما لا ينفعك ولا يضرك)) (يونس:١٠٦) . وقال:((ومن أضل ممن يدعو من دون الله من لا يستجيب له إلى يوم القيامة)) (الأحقاف:٥) . ونحوها من الآيات.
ثانياً: أما قول هذا الكاتب: [أما النداء لغير الله فيرجع إلى عقيدة الداعي، إن كان يعتقد فيمن يناديه؛ أنه يضر وينفع، ويعطي ويمنع، من غير إذن الله فقد أشرك] .