للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

مسار الصفحة الحالية:

هكذا المعتكف الذي يريد أن يكتب له أجر هذا الاعتكاف، ويقتدي في ذلك بسنة نبيه صلى الله عليه وسلم، فإنه صلى الله عليه وسلم ما ترك الاعتكاف في سنة من السنوات إلا سنة واحدة في رمضان لما دخل معتكفه اعتكف معه بعض نسائه، وضربت كل واحدة منهن قبة، فلما رأى الأقبية في المسجد أنكر ذلك، وعرف أن هذا منافسة. فعند ذلك ترك الاعتكاف تلك السنة واعتكف في شوال، وكان في الغالب يعتكف في العشر الأواخر من رمضان. واعتكف مرة أو مرتين في العشر الأوسط.

والاعتكاف -كما سبق- كان للاستكثار من الطاعة، ولطلب أن يحظى العبد بالمغفرة، والمغفرة لها أسباب، ومن أسبابها في رمضان: الصيام إيماناً واحتساباً. وقيام رمضان إيماناً واحتساباً. وكذلك قيام ليلة القدر إيماناً واحتساباً. فيحرص العبد على أن يحظى بسبب من أسباب مغفرة الذنوب التي اقترفها فيما مضى من عمره.

الفصل الخامس

إحياء العشر الأواخر من رمضان

إذا علمنا أن شهر رمضان هو أفضل الشهور، كانت نتيجة ذلك أن نجتهد فيه اغتناماً لفضله، وإذا علمنا أن العشر الأواخر هي أفضل أيامه، وأفضل لياليه، كانت نتيجة ذلك أن نكثر الاجتهاد فيها، وألا نضيع منها وقتاً في غير منفعة.

وهذه الأيام العشر يستحب فيها أربعة أشياء:

١- إحياؤها كلها.

٢- زيادة الاجتهاد فيها بالأعمال الأخرى.

٣- إظهار النشاط فيها والقوة.

٤- الاعتكاف واعتزال الشهوات والملذات.

إحياء الرسول صلى الله عليه وسلم العشر الأواخر:

ثبت في الصحيح عن عائشة رضي الله عنها أنها قالت: "كان رسول الله صلى الله عليه وسلم إذا دخل العشر أحيا ليله، وأيقظ أهله، وجدّ، وشدّ المئزر". وكذلك روي عنها أنها قالت: "كان رسول الله صلى الله عليه وسلم يخلط العشرين من رمضان بصلاة ونوم، فإذا كان في العشر لم يذق غمضاً". أي: في الليالي العشر لا يذوق غمضاً، بل يقوم ليله كله دون نوم.