وقد أمر الله تعالى بالطواف في قوله تعالى:((ثم ليقضوا تفثهم وليوفوا نذورهم وليطوفوا بالبيت العتيق)) (الحج:٢٩) . وفي قوله تعالى:((وطهر بيتي للطائفين والقائمين والركع السجود)) (الحج:٢٦) .
والطواف عبادة خاصة بمكة، وهي من أشرف وأفضل القربات التي يتقرب بها المسلم لله وحده، ولا يصح الطواف في غير مكة، بل وليس في الأرض موضع يُطاف به سوى البيت العتيق، فلا يجوز أن يُطاف بأي بقعة في الأرض، فلا يُطاف حول قبر أو مسجد أو صخرة أو غير ذلك.
والطائف بالبيت لا يدعو الكعبة، ولكنه يدعو ربها امتثالاً لقول الله تعالى:((فليعبدوا رب هذا البيت)) (قريش:٣) . فلم يقل: فليعبدوا البيت؛ بل جعل العبادة لرب البيت.
والطواف بالبيت يجوز في كل حال وفي كل وقت، وهو عبادة مستقلة، كما أن الاعتكاف والصلاة فيه عبادة فاضلة.
فلذلك يجوز لك أن تقصد البيت، وأن تقصد الكعبة بدون إحرام، قصدك أن تطوف ولو لم تكن محرماً، فحيث إن الطواف بالبيت عبادة من العبادات، فإنه يصح أن يُقْصَدَ لكي يصلي فيه، بل ويجوز أن تُشدّ إليه الرحال ولو مسيرة ألف أو ألفي كيلو أو عشرة آلاف كيلو متراً، ليس قصدك إلا أن تصلي أو تطوف بهذا البيت كما أنه يقصد لأداء مناسك الحج أو العمرة.
والطواف بالبيت كما قلنا عبادة من أشرف وأفضل القربات، يتقرب بها المحرم وغير المحرم، ولكن للمحرم ركن، فالطواف بالبيت ركن من أركان العمرة، وركن من أركان الحج، فالقادم إلى مكة بنية الحج يطوف بالبيت طواف القدوم إذا كان قارناً أو مفرداً، وكذلك يطوف طواف الإفاضة الذي هو من أعمال يوم النحر، والمذكور في قوله تعالى:((ثم ليقضوا تفثهم وليوفوا نذورهم وليطوفوا بالبيت العتيق)) (الحج:٢٩) . وكذلك يطوفون طواف الوداع عند مبارحتهم مكة بعد انتهاء أعمال الحج، فيكون طواف الوداع آخر عهدهم بالبيت.