وفي الطواف يستحضر العبد أنه تعظيم لله، ليس بتعظيم للكعبة، ولا لتلك البناية المخلوقة! إنما هو تعظيم لله تعالى، فالكعبة بيتٌ أمر الله ببنائه، فأمر إبراهيم عليه السلام أن يبنيه، وكذلك جدده من بعده، وأضافه الله إلى نفسه في قوله تعالى:((وطهر بيتي)) جعله بيتاً له، ولحرمة هذا البيت أمر المسلم بأن يطوف به، تعظيماً لربه الذي أمر بذلك.
وهذا الطواف يشتمل على ذكر ودعاء وقراءة، ولا يصحُّ فيه غير ذلك، إلا أن الله أباح فيه الكلام، فلا يتكلم حال الطواف إلا بخير، فقد ورد في الحديث:"الطواف حول البيت مثل الصلاة، إلا أنكم تتكلمون فيه، فمن تكلم فيه فلا يتكلمن إلا بخير".
لذلك يشترط في الطواف الطهارة كما تشترط للصلاة، ويشترط له ستر العورة، كاشتراطها للصلاة أو نحو ذلك.
ويبدأ الطواف بمحاذاة الحجر الأسود، فإذا قدر المسلم على استلامه فإنه يقبِّله، فيضع شفتيه عليه من غير تصويت، فإن لم يستطع، لمسه بيده اليمنى وقبّلها، وإن لم يستطع لمسه بمحجن أو عصا، وقبّل رأس المحجن أو العصا، وإن لم يستطع ذلك كله اكتفى بالإشارة إليه -ولو من بعيد- وكبّر ومضى.
ويُشرع للحاج ألا يزاحم الحجاج من أجل تقبيل الحجر الأسود؛ بل إنْ وجد فرجة واسعة، استلم، وإلا مضى، لأنه قد يُشِقُّ على غيره في هذه المزاحمة، ويكلف نفسه، وقد يزاحم من لا تحل مزاحمته: كالنساء، وما أشبه ذلك.
وإذا ابتدأ الطواف فإنه يجعل البيت عن يساره، مبتدءاً من الحجر الأسود -كما قلنا- ويبدأ بالاستدارة حول الكعبة وراء الحِجْر.