والحِجْر هو: البناية كنصف الدائرة التي يمر بها في جهة الشمال ويطوف من ورائها، ويحذر أن يطوف من دونها، كما يفعله بعض الجهلة، وذلك لأن هذا الحِجْر فيه جزء من البيت، لأن قريشاً حين جددوه، قصرت بهم النفقة، فأخرجوا جزءاً من البيت، نحو ستة أو سبعة أذرع من جهة الشمال، فلهذا جعل هذا الحِجْر مكملاً له ليحصل الطواف بالبيت كله، لا ببعضه، فمن طاف في داخل الحِجْر لم يطف بالبيت كله، إنما طاف ببعضه.
فإذا وصل إلى الركن اليماني الذي هو الزاوية الغربية الجنوبية، فإن استطاع أن يستلمه بأن يضع يده عليه مجرد وضع، ثم يرفعها فعل ذلك، ولا يقبله ولا يمسح بيده زاويته ولا يقبلها ولا يمسح بها وجهه ولا غير ذلك مما يقصد به التبرك، فإن كل ذلك من البدع، وإنما جاءت السنة بوضع اليد على الركن اليماني وبتقبيل الحجر الأسود فقط، فإن لم يستطع وضع يده كما ذكرنا، فإنه يمضي ولا يشير إليه، وهكذا بقية زاويا الكعبة لا يُسْتَلَمْ شيء منها.
ذكرنا أن الطواف عبادة لله وحده وليست تعظيماً للكعبة، ولا أستارها، ولا أركانها، فَيُنْكَرُ على من يفعل في هذا الطواف ما لا يجوز فعله، ومن ذلك أن بعضهم يتمسح بجدار الحِجْر، فكلما مرّ عليه مسحه، ومسح بذلك وجهه وصدره، وهذا بلا شك خطأ، ويجب أن يُنْصَحَ الذين يفعلون مثل هذه الأخطاء.
وهكذا الذين يلصقون صدورهم على جدران الكعبة، يتبركون بذلك، أو يمسحون بأيديهم الكسوة ويمسحون بها وجوههم، فهذا كله لا أصل له، فلم يُشرع التبرك بكسوتها، ولا بحجارتها، ولا بالحِجْرِ ولا بغير ذلك.
وهكذا أجزاء بقية الكعبة، كمقام إبراهيم، والصفا والمروة، وزمزم وجدرانها، وبقية جدران المسجد الحرام، فلا يجوز التمسح بشيء من ذلك، ولم يُشرع إلا تقبيل الحجر الأسود، ووضع اليد اليمنى على الركن اليماني.