فقد ثبت أن النبي صلى الله عليه وسلم لما توجه من مزدلفة إلى منى لم يزل يلبي حتى رمى جمرة العقبة، فذكر الرواة أنه بدأ برمي جمرة العقبة، ثم ذهب إلى بَدَنِهِ فنحرها، ثم دعى الحلاق فحلق رأسه، ثم أفاض إلى مكة لطواف الإفاضة، هكذا رتب هذه الأعمال، ومع ذلك فقد رخَّص في تقديم بعضها على بعض، حيث سأله رجل فقال: لم أشعر فنحرت قبل أن أرمي؟ فقال:"ارم ولا حرج". وقال آخر: لم أشعر فحلقت قبل أن أنحر؟ فقال:"انحر ولا حرج". فما سُئلَ عن شيء قُدمَ ولا أُخِّر إلا قال:"افعل ولا حرج".
ولذلك يستحب ترتيب أعمال يوم النحر، كما رتبها النبي صلى الله عليه وسلم.
* فيبدأ برمي الجمرة لأنها تحية منى.
* ثم ينحر هديه إن كان قد ساق الهدي.
* ثم يحلق رأسه أو يقصره.
* ثم يتوجه إلى مكة لطواف الإفاضة.
* أولاً: رمي جمرة العقبة:
فأما الرمي فيقتصر على رمي جمرة العقبة هذا اليوم، وأول وقته في حق القادرين من طلوع الشمس يوم النحر إلى غروبها، ويُرخَّصُ للضعفة والظعن في الرمي آخر الليل، فينفرون من مزدلفة بعد غروب القمر، ويرمون قبل حطمة الناس، وتختص الرخصة بالنساء العجائز، والمرضى والمسنين من الرجال والصغار ونحوهم.
وقد توسع الناس في هذه الرخصة فصار الجمهور ينفرون من أول الليل أو من وسطه، وغالبهم أقوياء أشداء لا عذر لهم، ويتعللون بأن معهم شخص أو شخصان من أهل العذر، وذلك لا يبرر فعلهم، فإن عليهم أن يبقوا إلى الصباح، ويؤخر النساء الرمي إلى آخر النهار، حيث يخف المكان، ويتسع لرميهم، وإن أخروه إلى الليل جاز، فهو أفضل من رميهم ليلة النحر، وتفويت الجميع للمبيت بمزدلفة الذي هو أحد الواجبات، وعند بعض العلماء أنه أحد أركان الحج.