ثم إذا رخص للضعفاء والعجائز فإن بإمكان غيرهم البقاء في مزدلفة، وبعد الصباح يمشون على الأقدام إلى منى، فلا مشقة في ذلك لقرب المكان، وكثيراً ما يصل المشاة قبل أهل السيارات، لشدة الزحام في ذلك اليوم.
وبالجملة فإن الرمي يوم النحر يختص بجمرة العقبة، ويكون بسبع حصيات متعاقبات، يكبر مع كل حصاة، ولا يجوز الزيادة على السبع ولا النقص منها، وإن اقتصر أحياناً على ست أجزأه إن لم يتعمد للعذر، ويحرص على أن تصيب الحصيات الحوض أو الشخص، ولو تدحرجت إلى الأرض أجزأت، وإن وجهها إلى المرمى، وغلب على ظنه إصابتها أجزأت، ولا يشترط رؤيته للإصابة، فقد يشتد الزحام، ولا يتحقق من إصابة كل حصاة، فيجزئه توجيهها إلى الشاخص ولو كان بعيداً، إذا كان الغالب من معرفته وعادته الإصابة بمثل ذلك.
ويكون حصى الجمار مثل حصى الحذف، وهو الذي يرمى به بين الأصابع.
وفي حديث ابن عباس أن النبي صلى الله عليه وسلم قال له لما ركب من مزدلفة:"ناولني سبع حصيات". قال: فالتقطت له سبع حصيات هن حصى الخذف؛ فقال:"بمثل هذا فارموا يا عباد الله، وإياكم والغلو في الدين، فإنما أهلك من كان قبلكم الغلو في الدين" رواه أحمد وأهل السنن.
والذي التقط الحصيات هو الفضل بن عباس، لأن عبد الله كان ممن ظعن مع الضعفة آخر الليل، وقال لهم النبي صلى الله عليه وسلم:"أي بني لا ترموا الجمرة حتى تطلع الشمس".