للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

ويحتجون بالآية، والإنصاف أن ظاهرها معهم، فإنها أثبتت أن للرجل أن يطلق ثم يراجع، ثم يطلق ثم يراجع، ولم تحدّد الطلاق الواقع كل مرة.

ويحتجون بالآية الرابعة من آيات البقرة، فإنه تعالى قال: {وَإِذَا طَلَّقْتُمُ النِّسَاءَ فَبَلَغْنَ أَجَلَهُنَّ فَأَمْسِكُوهُنَّ} والإمساك هنا الرجعة اتفاقًا، قالوا: فأثبت لهم الرجعة بعد الطلاق، ولم يحدد الطلاق بحدّ، فهو صادق بأن يقول: طلقتك، وأن يقول: طلقتك وطلقتك وطلقتك، أو طلقتك ألفًا، أو عدد ذرات العالم، ولا حدَّدتْه بأنه أول طلاق، ولا أنه طلاق قد تقدمه طلاق ورجعة.

فإن قيل: إنك قد قدمت استظهار أن هذه الآية متقدمة على قوله: {الطَّلَاقُ مَرَّتَانِ}!

قلت: نعم، ولكن لهم أن يقولوا: إن آيتي {الطَّلَاقُ مَرَّتَانِ} أقرت الآية الرابعة على هذا المعنى، ووافقتها عليه ــ كما تقدم ــ وإنما خالفتها في المرة الثالثة.

[ص ٥ مكرر] ويحتجون أيضًا بآيات سورة الطلاق، والكلام فيها كالكلام في الآية الرابعة من آيات البقرة سواء.

واحتج مخالفوهم بقوله تعالى: {وَمَنْ يَتَّقِ اللَّهَ يَجْعَلْ لَهُ مَخْرَجًا}.

أخرج أبو داود بسندٍ صحيحٍ كما في الفتح (١) عن مجاهد قال: "كنت


(١) (٩/ ٣٦٢). والأثر عند أبي داود (٢١٩٧).

<<  <   >  >>