للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

وفي «اللسان» (١): «رَبا الشيءُ يَرْبو رُبُوًّا ورِباءً: زاد ونما. وأربيتُه: نمَّيته. وفي التنزيل العزيز: {وَيُرْبِي الصَّدَقَاتِ} [البقرة: ٢٧٦]، ومنه أُخِذ الربا الحرام. قال الله تعالى: {وَمَا آتَيْتُمْ مِنْ رِبًا لِيَرْبُوَ فِي أَمْوَالِ النَّاسِ فَلَا يَرْبُو عِنْدَ اللَّهِ} [الروم: ٣٩]. قال أبو إسحاق (٢): يعني به دفع الإنسان الشيء ليُعَوَّض به ما هو أكثر منه، وذلك في أكثر التفسير ليس بحرام، ولكن لا ثواب لمن زاد على ما أخذ. قال: والربا رِبَوان: فالحرام كلُّ قرضٍ يؤخذ به أكثرُ منه أو تُجَرُّ به منفعة، فحرام. والذي ليس بحرام أن يهبه الإنسان يستدعي به ما هو أكثر، أو يُهدِي الهديَّة ليُهدَى له ما هو أكثر منها. قال الفرَّاء (٣): ... فمن قرأ: {لِتَرْبُوْ} فالفعل للقوم الذين خوطبوا ... ومن قرأها: {لِيَرْبُوَ} فمعناه: ليربو ما أعطيتم من شيء لتأخذوا أكثر منه، فذلك رُبُوّه».

أقول: والعرب لا يزالون إلى الآن يُطلقون الربا على الزيادة المشروطة في القرض. ولو سألت أحدهم عن الربا لفسَّره لك بذلك، ولو سألته عن هذه المعاملة ما اسمها؟ لقال لك: هذا الربا. غير أن أهل مصر ونحوها لما حاولوا استحلال الربا سمَّوه بغير اسمه فقالوا: «الفائض»، وربما يسمِّيه بعضهم «فائدة»، ومع ذلك لو سألت عامَّتهم عن الربا لفسَّروه لك هذا التفسير المعروف عند غيرهم من العرب.

فإن قلت: العوام من العرب قد تغيَّرت لغتهم.


(١) (١٩/ ١٧) ط. بولاق.
(٢) هو الزجاج، وكلامه في «معاني القرآن» له (٤/ ١٨٧).
(٣) انظر «معاني القرآن» له (٢/ ٣٢٥).

<<  <   >  >>