للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

بخصوص السبب.

فأما آية الروم فإن مجاهدًا وقتادة وسعيد بن جبير يفسرونها بالهدية التماسَ الزيادة، كما في «تفسير ابن جرير» (١). ولعل زيد بن أسلم يقول ذلك.

وأما الثاني فإنما يلزم أن لا تكون الزيادة المشروطة في القرض عند أولئك التابعين ربا لو ثبت عنهم أنهم أرادوا الحصر وأنهم علموا بأن أهل الجاهلية كانوا يقرضون بشرط الزيادة، ولا سبيل إلى ثبوت ذلك.

وقد نقل صاحب «الاستفتاء» في (ص ٤١) عن الشافعي قوله (٢): «كان من ربا الجاهلية أن يكون للرجل على الرجل الدينُ فيحلّ الدين فيقول له صاحب الدين: أتقضي أم تُربي؟ ... » فقوله: «وكان من ربا الجاهلية» صريح في أنه لا يرى الحصر.

هذا، ولا مانع من كون أهل الجاهلية كانوا يتكرَّمون عن اشتراط الزيادة في القرض. والسبب في ذلك [ق ١٥] أن القرض عندهم معروف ومكرمة وإحسان، فكأنهم كانوا يرون من العار أن يشترطوا الزيادة.

ومما يشهد لهذا ما قاله أهل اللغة وغيرهم في تفسير العِيْنة، وهو أن يحتاج إنسان إلى دراهم مثلًا ولا يجد من يُقرِضه قرضًا حسنًا، فيتواطأ مع رجل فيشتري منه سلعةً بمئة إلى أجل مثلًا ثم يردُّه له بتسعين نقدًا. فظاهر تفسير أهل اللغة لها بذلك يدل أن أهل الجاهلية كانوا يتعاملون بها. فلو لم


(١) (١٨/ ٥٠٣ - ٥٠٥).
(٢) نقله البيهقي في «معرفة السنن والآثار» (٨/ ٢٩).

<<  <   >  >>