للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

أما ظهور الآية في الزيادة المشروطة في القرض فهذا بيانه:

قوله تعالى: {وَمَا آتَيْتُمْ مِنْ رِبًا} ظاهر في أن رأس المال فيه الربا من حين إيتائه، أي إعطائه، فلا يكون الربا هنا هو أن يكون للرجل على آخر دينٌ من وجه حق إلى أجل، فإذا حال الأجل مدَّ له فيه على أن يزيده على رأس المال. فإنه على هذا لم يكن رأسُ المال ربًا حين إعطائه، فتدبر.

وقوله تعالى: {لِيَرْبُوَ فِي أَمْوَالِ النَّاسِ} ظاهر في أن المال المعطى نفسه يبقى في مال الآخذ، وهذا لا يصدق على إهداء ثوب على طمع أن يكافأ عليه بأكثر من ثمنه. فأما دينار بدينارين إلى أجل، فالدينار المأخوذ كأنه باقٍ في مال الآخر يربو فيه حتى يصير دينارين.

وقال الله عز وجل: {فَبِظُلْمٍ مِنَ الَّذِينَ هَادُوا حَرَّمْنَا عَلَيْهِمْ طَيِّبَاتٍ أُحِلَّتْ لَهُمْ وَبِصَدِّهِمْ عَنْ سَبِيلِ اللَّهِ كَثِيرًا (١٦٠) وَأَخْذِهِمُ الرِّبَا وَقَدْ نُهُوا عَنْهُ وَأَكْلِهِمْ أَمْوَالَ النَّاسِ بِالْبَاطِلِ وَأَعْتَدْنَا لِلْكَافِرِينَ مِنْهُمْ عَذَابًا أَلِيمًا} [النساء: ١٦٠ - ١٦١].

وفي التوراة الموجودة بأيدي اليهود والنصارى الآن: «لا تُقرِضْ أخاك بربا ربا فضة أو ربا طعام أو ربا شيء ما مما يُقرَض بربا. للأجنبي تُقرِض [بربا] (١)، ولكن لأخيك لا تُقرِض بربا» (سفر التثنية، الإصحاح ٢٣، الفقرة ١٩ (٢) - ٢٠). وفيها مواضع أخرى مصرحة بأن الربا في القرض، وأن اليهود عصوا وأخذوه من إخوتهم وغيرهم. انظر «دائرة المعارف» للبستاني (٣) تحت


(١) زيادة من «العهد القديم».
(٢) في الأصل: «١٦ - » سبق قلم.
(٣) (٨/ ٥١٣).

<<  <   >  >>