للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

الحكم على ما هو عليه كما بقي الرملُ في الطواف، أم ينبغي تغييره؟ وإذا ثبت بحجة شرعية أن هذه العلة مقتضية لهذا الحكم، وأنها كانت منتفيةً عن هذا الأمر في العهد النبوي، وأنها حدثت له بعد ذلك، وأنه لم يقم به ما يعارضها= ساغَ تغيُّر الحكم.

فكلُّ ما ثبت عن الصحابة فإننا نعتقد أنهم قد راعَوا فيه هذا المعنى، فإن ثبت إجماعُهم على شيء فإننا نعتقد أن هذا المعنى كان ثابتًا في نفس الأمر، وإن اختلفوا فإننا نعتقد أن من قال بالتغيُّر كان يرى هذا المعنى ثابتًا، وقد يكون مخطئًا. وأما ما جاء عمن بعدهم فإن كان مجتهدًا فالظنُّ به أنه كان يرى هذا المعنى ثابتًا، ولعله أخطأ في ذلك، وإن كان غير مجتهد فأمره إلى الله، ولا يجوز تقليده.

وليس من هذا اختيارُ الفقيه المقلّد قولًا يخالف مذهب إمامه، ولكنه ثابت عن إمام آخر، وإنما هذا بناء منهم على أن المقلّد مخيَّر، يجوز له الخروج عن مذهب إمامه في بعض الفروع، ولاسيما إذا رأى الحاجة داعيةً إليه. فهذه الاختيارات لا يصح إيرادها في أمثلة تغيُّر الأحكام الشرعية، ومن هذا ما ذكره صاحب الاستفتاء من تجويز متأخري الحنفية الاستئجارَ على تعليم القرآن والأذان والإمامة وغيرها، فإنهم إنما اختاروا في ذلك مذهب الشافعي وغيره أنه يجوز ذلك مطلقًا، فلما رأوا الحاجةَ داعيةً إلى ذلك رأوا المصلحة تقليدَ من قال بذلك. ولمتأخري الشافعية اختيارات من هذا القبيل لا حاجة إلى ذكرها.

* * * *

<<  <   >  >>