للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

فإن قالوا: إذا أعلنَّا بحرمته خشينا أن يمتنع الناس عنه، فيتضرر المضطرون.

قلت: يمكنكم دفعه بكثرة الترغيب في إقراض المضطر مع التوثق منه برهن، فإن الناس إذا كان عندهم من الإيمان ما يَكُفُّهم عن الحرام الذي لا يعارضهم فيه الحكام، فمثل هذا الإيمان يكفي للرغبة في إقراض المضطر مع التوثق منه برهن إذا بالغ المشهورون بالعلم والصلاح في الترغيب فيه.

وقد قال صاحب "القلائد" (١) ما لفظه: "فلو شرط (يعني المشتري بالعهدة) أنه لا يفكُّ إلا بعد سنتين، أو أقل أو أكثر ... وقد عمل به بعض وكلاء شيخنا إمام الوجود عبد الله بن عبد الرحمن بافَضْل في شراء عُهدةٍ له، وهو عالم بذلك، فقرره، وأنا ممن شهد ذلك".

هكذا هكذا وإلا فلا لا (٢)

إذا كان ربُّ الدارِ بالدفِّ ضاربًا ... فحُقَّ لأهل الدارِ كلِّهم الرقصُ (٣)

وأما ما قاله الفخر الزاهد الحنفي: "إن أهل بلخ اعتادوا الدَّين والإجارة، وهي لا تصح في الكَرْم، وأهل بخارى اعتادوا الإجارة الطويلة، ولا تصحُّ في الأشجار، فاضطروا إلى بيعها وفاء".

ففيه أن هذا لا يكفي لتحقيق الضرورة، فإن من اعتاد أن يعامل معاملة،


(١) "قلائد الخرائد" (١/ ٣١٧ - ٣١٨).
(٢) شطر بيت للمتنبي في "ديوانه" (٣/ ٢٥٤)، وصدره:

ذِي المعالي فلْيَعْلُوَنْ مَن تَعالَى
(٣) البيت لسبط ابن التعاويذي في "ديوانه" (ص ٢٤٧).

<<  <   >  >>