للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

ومثله من أسلم دراهمَ في ثوب؛ ففي ذلك دلالة أنه لم يكن يريد الاحتفاظ بالدراهم، فمن المحتمل أنه لو لم يُسلِمها لاشترى بها سلعةً نقدًا، ثم باعها، وهكذا، وذلك مظنة الربح، فاستحق الجبران.

والربح الفائت لا ينضبط، فلا ينضبط جبرانه، ولكنه هنا ضبط بما تراضيا عليه.

وهذا بحمد الله مستقيم واضح، ولكن احتجنا الآن إلى النظر في النسبة بين العوضين، فإن النسبة بين الدراهم والدراهم المماثلة، وبين الدراهم والثوب المباينة، وبينهما نِسَبٌ مختلفة، فما الذي يلحق منها بذاك، وما الذي يلحق بهذا؟

قد يقال: لعل الفاصل هو معنى القرض، فكل ما كان من البيوع في معنى القرض بربا، فحكمه حكمه.

وهذا حق فيما أرى، ولكن قد يقع الاشتباه فيه أيضًا، فإسلامُ دينارٍ في خاتم ذهب قد يتراءى أنه ليس في معنى القرض، بل هو في معنى إسلام دينار في ثوب.

فإن قلت: بل في معنى القرض باشتراط منفعة، كما لو ذهب رجل بدينار يبحث عن صائغ؛ ليدفعه إليه ليكسره ويصوغه خاتمًا، ويدفع إليه أجرته، فلقيه رجل فأخبره، فقال: أنا محتاج إلى دينار، فأقرِضْني دينارك أَصرِفه في حاجتي، وعندما يحصل بيدي دينار أذهب به، فأبحثُ عن صائغ، وأعطيه فيكسره، ويصوغه خاتمًا على الصفة التي تريد، وأدفع أنا أجرته، وآتيك بالخاتم، والأجل شهران.

<<  <   >  >>