الجزء العاشر: تقع فيه بقية أنهار الصين وجبالها على ما صور في الجغرافيا. وفي شرقي الصين الجبل الفاصل بينهم وبين صين صين. وصور أهل الصين مائلة إلى صور الخلط وهي بين الترك والهنود، ولباسهم متوسط ومن عاداتهم أنهم يكشفون صدورهم. وسلطانهم يقال له البغبور وقاعدته مدينة تاجه في الإقليم الثالث، ورعيته محصورون بالجبال والحصون فلا يدخل أحد من جهتها ولا يخرج منها إلا بإذن. ويقال أن جميع طرق الصين مفروشة بالحجارة، والمزارع عن يمين وشمال، وفي أكثرها الأرز وزعمهم أنه يأكله دود يقتله اللبان فلذلك يحمل كثيراً إلى بلادهم من (..) والراوند الصيني.. كثير بهذه الأرض. ويقال إن عندهم اللفت يطبخون به وهو أخضر، اللحم. والفيلة عندهم كثيرة وعليها يحملون أثقالهم ومبانيهم أكثرها من خشب الكافور والصنوبر، ويضعون فيها أدهاناً ملاحاً ونقوشاً بديعة من نوع الكلهي، وكذلك مراكبهم، واسم المركب عندهم الزوو وهو كبير يكون فيه بين الإنسان وتحته مخزن للبضائع، ويتعاملون بسبائك الذهب والفضة الكبيرة. وعندهم فلوس من نحاس للقليل، وكلامهم صعب وكلام الهنود أحلى منه. وقد صارت مراكبهم في هذا العصر تصل إلى عدن. وفي آخر هذا الجزء من بلاد صين صين مدن معجمة. وآخر المعمور فيه جزيرة العلويين، كان بنو أمية قد بعثوهم إلى ملك الصين وأخبروه أنهم أهل جرائم اقتضت إبعادهم. فلما حضروا عنده أخبروه أنهم من بيت النبوة. فقال: يحملون إلى الجزيرة التي في آخر صين صين، وهي كثيرة الأفاعي القتالة، فإن كان كما زعموا لم تضرهم، وإن قتلتهم استريح منهم. فحماهم الله منها وسكنوا تلك الجزيرة وتناسلوا. قال البيهقي: ومنهم معظم أشراف العجم الذين يعقلون الضفائر في الرؤوس إشارة لتلك الحيات التي خلصهم الله منها.
[الإقليم الثالث]
سكانه سمر وعرضه من خط الاستواء ثلاثون درجة واثنتا عشرة دقيقة، ووسعه ست درجات غير تسع عشرة دقيقة.