الجزء العاشر: أول ما يلقاك منه جزائر الصين، فأولها من جهة ساحل الصين إلى الجهة الشمالية صندرفولات وهي من الجزر المذكورة في الكتب. وبينها وبين الساحل الصيني أقل من مجراوين. وطولها نحو مائتي ميل. وأوسعها رأسها الشمالي وهو نحو مائة وخمسين ميلاً. وفي جنوبها جزيرة الصنف المشهورة في الكتب التي ينسب إليها أشرف العود ويقال إنه كالشمع تنطبع فيه الكتابة وهو أبيض. وملوك الصين لا تتركه لغيرها. وطول هذه الجزيرة من الغرب إلى الشرق نحو مائتي ميل والعرض أقل من ذلك. ومدينة الصنف حيث الطول مائة واثنتان وستون درجة والعرض ست درجات. وفي غربيها جزيرة قمار التي ينسب إليها العود القماري، وهو دون الصنفي وفوق غيره. وعرض البحر بينهما أقل من مجرى. وهي قريبة من جزيرة الصنف في الطول والاتساع. ومدينة قمار طولها مائة وست وستون درجة والعرض درجتان. وفي شرقي هذه الجزائر الثلاث جزائر الصين الصغار وهي كثيرة ممتدة من الشمال إلى آخر العمارة في الجنوب وانتهاء البحر الهندي المعروف بالأخضر حيث شرقي هذه الجزائر. والطول هناك نحو مائة وسبع وستون درجة ونصف. ويبقى بين هذا البحر الأخضر والبحر الأسود المحيط أرض يمر في غربيها مع شرقي البحر خمدان الذي هو أحد أنهار العالم الكبار الكثيرة الماء. وليس بالصين نهر أطول ولا أوسع منه، ومنبعه من الجبل الكبير الحاجز بين الصين والترك مع خط الإقليم الرابع ومصبه حيث يختلط البحر الهندي مع البحر المحيط في آخر العمارة في الجنوب، فتكون مسافته نحو ثلاثة آلاف ميل وعليه من المدن عدد كبير. والذي يقع عليه في هذا الجزء العاشر مدينة قانطو وهي حيث الطول تسع وستون درجة والعرض إحدى عشرة درجة. وفي جنوبيها على شرقيه أيضاً مدينة سوسه وبينهما ست عشرة مرحلة. وهما متقاربتان في الطول، وسوسه أدخل للشرق حيث العرض درجتان. وتصب من أنهار الصين في البحر المحيط الذي شرقي خمدان ثلاثة أنهار كبار. وتقع في البحر المحيط بأقصى هذا الجزء جزائر السيلي، وهي مثل الجزائر الخالدات في البحر المحيط ليس خلفها عمارة ولكن هذه معمورة فيها خصب وخيرات وآخرها للشرق جزيرة صنجي التي بها الأصنام المشيرة اللا مسلك خلفي. وانتهاء شرقيها حيث الطول مائة وثمانون درجة. وفي جنوبي هذه الجزائر جزيرة الفضة. ذكرها بطليموس وذكر نهرها. ويقال إن أرضها كثيرة الفضة وإلى جانبها في أقصى العمارة بالمشرق جزيرة الياقوت، يدور بها من داخلها الجبل الكبير الذي ذكره بطليموس، ويقال إنه مثل جبل الراهون الذي في سرنديب يوجد فيه الياقوت أصنافاً، وآخر هذا الجزء مع خط الاستواء.
[الإقليم الثاني]
سكان ما قارب منه الإقليم الأول سودان وما قارب منه الإقليم الثالث سكانه سمر. وعرضه أربع وعشرون درجة وإحدى وثلاثون دقيقة من خط الاستواء ووسعه ثمان درجات وأربع دقائق.
الجزء الأول: تقع فيه الجزيرة السادسة من الجزائر الخالدات وأربع من جزائر السعادات. وينتهي صعود البحر المحيط فيه مشرقاً حيث الطول عشر درجات ثم يصعد عن ذلك جون التن من الإقليم الثاني ثلاث درجات، ووسعه أقل من درجتين. ويقال له الجون الأخضر لأن فيه أقاصير وحشيشاً أخضر كثيراً وفيه سرب التن. ويدخل مرة واحدة في بحر الرومان فيزعم الناس أنه يحج إلى حجر معلوم في جزائر البحر ثم يعود فيعيش منه أهل السواحل من بر العدوة والأندلس، ينشفونه ويرفعونه مقدداً ويحمل إلى البلاد فيخرج بأوفر ثمن في زمن العنب والتين. وذكر ابن فاطمة أنه ركب البحر المحيط مرة في نول لمطه فأخرم به المركب فوقع إلى ضباب وأقاصير وضل البحريون ولم يعلموا حيث هم حتى تركوا المركب الكبير وأخذوا زاداً في القارب الصغير وصاروا يجرونه على لحشيش وطوراً ينهضون بالمجاذيف إلى أن انتهوا بعد مدة إلى قاع هذا الجون وعاينوا من التن فيه ومن كثرته ما تعجبوا منه وكذلك من الطيور البيض ولم ينتهوا إلى البر إلا وقد كاد الزاد يفرغ. فلما انتهوا إلى تحت الجبل اللماع أشار عليهم برابرة كدالة ألا يقربوا الجبل ولم يعلموا سبب ذلك فأخذوا عنه شمالاً حتى خرجوا عن حده.